القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

ترجمة: الشارح #

صفحة 29 - الجزء 1

  المبادئ، وعليه يدور قطب المقصد ولولبه، وفي سمائه يطلع نجمه وكوكبه، وما ذلك إلا اصطلاح جديد لم يعرف له مستند لا عقلا ولا نقلا، كصنعه في باب الترجيح، حيث جعله جزءاً من اللواحق وهو من أُمهات المقاصد.

  واعلم أنه قد ذكر في غير هذا الكتاب من مقدمات هذا العلم بيان أنه من أي علم يستمد تفصيلا بإفادة شيء مما لابد من إدراكه كما ذكرناه هاهنا، وفي باب اللواحق وإجمالاً بذكر العلوم التي يستمد منها، وهي علم الكلام، والعربية، والأحكام ليرجع إليها عند رُوم التحقيق.

  أما الكلام فوجه استمداده منه توقف الأدلة الإجمالية ككون الكتاب والسنة والإجماع حجة على معرفة الباري، ليمكن إسناد خطاب التكليف إليه، ويعلم لزوم التكليف وثبوته في حقنا، حين أسناد خطابه تعالى إليه، ويتوقف معرفة وجود الباري على أدلة حدوث العالم، وأيضاً أن كون الكتاب وما ذكر حجة معه يتوقف على صدق المبلغ وتوقف السنة على ذلك ظاهر.

  وأما الكتاب فلأن كل واحد مما يستدل به من الكتاب على الأحكام ليس معجزا؛ لأن المعجز منه مقدار سورة وأقله ثلاث آيات، فلا يعلم أنه من كلامه تعالى إلا بإخباره فلا بد من صدقه.

  وأما الإجماع والقياس فيرجعان إلى الكتاب والسنة، والعلم بصدق المبلغ يتوقف على دلالة المعجزة على الصدق، فإنها تصديق له من الله تعالى فيما ادعاه، ولا طريق إليه سواه، ولا تقليد في ذلك كله كما لا يخفى، فلابد من الاستدلال عليها، وذلك من وظيفة علم الكلام.

  وأما استمداده من العربية؛ فلأن الكتاب والسنة اللذين هما عمدة الأدلة، والباقي متفرع عليهما عربيان، والاستدلال بهما على الأحكام يتوقف على معرفة أصول اللغة وأحكامها، التي لها مدخل في الاستدلال على الأحكام من الحقيقة