ترجمة: الشارح #
  واحداً، ولم يستحسن إفراده بالتدوين والتعليم، ومن تلك الجهه يؤخذ تعريفه، فإذن من حق كل طالب علم أن يتصوره أولاً؛ ليمتاز عنده فيصح توجهه إليه بخصوصه، ويكون على بصيرة في طلبه، إذ لو تصوره بما يشمله وغيره كان على متن عمياء وخبط خبط عشواء.
  والحاصل أن حق الطالب أن يتصوره بتعريفه المأخوذ من جهة وحدته، فإن ذلك أزيد لبصيرته وأسهل في معرفته.
  ومنها: فائدته والغرض منه، وغايته وهي: معرفة أحكام الله التي هي سبب الفوز بالسعادة الدينية والدنيوية، فإن من حق كل طالب لعلم أن يعرف فائدته المترتبة عليه المقصودة منه، بمعنى يعتقد ذلك إما جزماً أو ظناً، إذ لو لم يصدق بفائدة فيه استحال إقدامه عليه؛ لأن الأفعال الاختيارية(١) مسبوقة بتصور الفائدة، وإن أعتقد ما لا يعتد به مما يترتب عليه عُدَّ كَدُّه و كَدَحُه عبثاً عُرْفاً، وإن اعتقد باطلا أي ما لا يترتب عليه فربما زال أثناء سعيه وكان عبثا بلا فائدة في نظره.
  واعلم أن كل حكمة ومصلحة تترتب على فعل تسمى غاية من حيث أنها على طرف الفعل ونهايته، وفائدة من حيث ترتبها عليه، فيتحدان ذاتاً ويختلفان اعتباراً.
  ومنها: إفادة شيء من المسائل الخارجة عن المقاصد لبناء المقاصد عليه، وليت شعري ما الفرق بين ما ذكر هاهنا وبين ما ذكر في باب اللواحق(٢)، حتى يجعل هذه مبادئ وتلك لواحق، والكل مشترك في توقف المقاصد عليه، ثم العجب من المصنف # كيف جعل الكلام في واسطة عقد الأدلة السمعية وهو القرآن من
(١) فإن الأفعال المترتبة عليها أثارها، أي التي تكون الفائدة لا بد أن يكون فاعلها مختاراً. لذا خلق الله للإنسان آلات الحواس من عين وأنف وأذن وغيرها، وهو في بطن أمه مع أنه لا يحتاج إليه، وما خلقه لها إلا لعلمه بفائدتها. فهي تدل دلالة قاطعة على أن فاعله مختار. تمت.
(٢) الاستحسان أو غيره من الأدلة الملحقة. أو يقال من التقليد والاستفتاء ونحوه. تمت.