القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حكم من يعتريه السهو والغفلة]

صفحة 311 - الجزء 1

  (ابن إبان والمنصور بالله # بل) خبره (موضع اجتهاد)⁣(⁣١) فيعمل فيه الناظر بحسب القرائن من كون الراوي متحفظا في ذلك الخبر أو ساهيا، وإن لم يوجد قرينة مرجحة لأحد الطرفين فالوقف (وأخبار أبي هريرة ومعقل بن يسار⁣(⁣٢) ووابصة بن معبد⁣(⁣٣) موضع اجتهاد)، ذكر ذلك ابن إبان (لاستواء غفلتهم وضبطهم) عنده، قال # وهذا القول هو متوسط بين التفريط والإفراط فلهذا اختاره؛ لأن خير الأمور الأوساط.

  (و) إنما قيل بأن ذلك موضع اجتهاد حيث استوى ضبطهم وغفلتهم، (لرد) ابن عباس و (عائشة قول أبي هريرة) في خبر الاستيقاظ، وردها خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، وقبول غيرهما إياهما، ولم ينكر لا على الراد، ولا على القابل، وما ذلك إلا لأن طريقه الاجتهاد، ولا إنكار فيما هو كذلك، وهو المطلوب.


(١) قال في منهاج الوصول ص ٥٢٢/ قلنا أما القول بالقبول فهو تفريط لأن الواجب العمل بالظني ولا ظن مع استواء حالتيه في الغفلة والتحفظ، ولا نسلم قبول الصحابة من أبي هريرة بعد اطلاعهم على كثرة غفلته إلا مع قرينة أخرى تشهد بصحة روايته.

أما القول بالرد فهو إفراط؛ لأنه إذا كان عدلاً وغلب الظن في روايته حديثاً بعينه أنها صدرت عن تحفظ لاعن غفلة لقرينة اقتضت ذلك في الراوي العدل. فلا وجه يوجب ردها حينئذٍ إذ قد كملت شروط صحتها.

وأما القول الثالث فهو منهج التوسط بين الإفراد والتفريط، وهو المختار عندنا [أي أنه موضع اجتهاد]، وهو الذي يظهر من أحوال الصحابة، فأنهم كانوا مختلفين ألا ترى أن ابن عباس وعائشة رَدَّا خبر أبي هريرة وقبله غيرهما ولم ينكر أحد منهم على صاحبه رداً ولا قبولاً وهذا يقتضي كونه موضع اجتهاد كما أخترنا. والله الموفق ..

(٢) معقل (بفتح الميم، وسكون المهملة، وكسر القاف، فلام) بن يسار (بمثناه تحتية، فمهملتين بينهما ألف) المزني، أبو عبد الله، شهد بيعة الرضوان، نزل البصرة؛ وفيه المثل: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل؛ وبها توفي آخر زمن معاوية. (تمت من لوامع الأنوار/ ٣/ ١٨٢.لوالدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #). [وآخرها سنة ستين للهجرة].

(٣) وابصة بن معبد [وابصة] بكسر الموحدة. ابن معبد الأسدي، أبو شداد وفد سنة تسع. (تمت من لوامع الأنوار: ٣/ ١٨٨.لوالدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #).