القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حكم من يعتريه السهو والغفلة]

صفحة 316 - الجزء 1

  أنه ÷ قضى فيه بالغرة، وقال: لولا هذا لقضينا فيه برأينا ولولا لانتفاء الشيء لثبوت غيره فدل على أنه انتفاء العمل بالقياس لثبوت الخبر وكذا في دية الأصابع حيث رأى أنها تتفاوت باعتبار منافعها فتركه بخبر الواحد أنه ÷ قال: «في كل أصبع عشر» وكذا في ميراث المرأة من دية زوجها وكان يرى أن الدية للورثة ولم يملكها الزوج فلا ترث الزوجة منها فلما أُخْبِر بأنه ÷ أمر بتوريثها منها رجع إليه إلى غير ذلك من الصور التي تشهد بها كتب السير وشاع ذلك وذاع ولم ينكره أحد فكان إجماعا.

  فإن قيل هذا معارض بمخالفة ابن عباس خبر أبي هريرة توضؤا مما مست النار بالقياس فقال ألا نتوضأ بالماء الحميم فكيف نتوضأ مما عنه نتوضأ وكذلك هو وعائشة خالفا خبره وهو إذا استيقظ أحدكم فلا يغمس يده في الإناء فإنه لا يدري أين باتت يده بالقياس⁣(⁣١) فقالا كيف نصنع بالمهراس، أي إذا كان فيه ماء ولم تدخل فيه اليد فكيف نتوضأ منه، والمهراس حجر عظيم منقور يصبون فيه الماء للوضوء.

  قلنا: لم يخالفاه للقياس بل لاستبعادهما له لظهور خلافه كما تقدم، وقد يمنع الإجماع للانتشار في النواحي والأقطار ولو سلم فالمسألة اجتهادية لا يدل السكوت فيها على الموافقة.

  (و) لنا أيضاً (خبر معاذ) فإنه أخر فيه القياس عن الخبر وأقره ÷ على ذلك وكان الخبر مقدما.

  قالوا: الاحتمال في القياس أقل فإن الخبر يحتمل باعتبار العدالة كذب الراوي


(١) قال الدواري: المذكور في ذلك مسائل اجتهادية ولا قياسية إلاٌ أن الحكم والخلاف واحد فمن قدم الخبر على القياس قدمه على الاجتهاد، ومن قدم القياس على الخبر قدم على الاجتهاد عليه. تمت من هامش المخطوطة [أ].