[رد خبر الواحد المخالف للأصول الممهدة من كل وجه]
  تنقضه خارجها فلا ينقض داخلها هذا ما يقتضيه القياس على ما لا ينقض فخبرها مخالف للقياس لا للأصول، وكذلك فإن الإجماع على أن التوضي بنبيذ الزبيب، لا يجزي لتغيره عن صفة الماء، والقياس يقتضي أن نبيذ التمر كذلك، فخبر النبيذ مخالف للقياس، لا للأصول إذ لم يجمع على أنه لا يجوز التوضي بنبيذ التمر، فيكون كذلك.
  وقال الشافعي إنما وقع الإجماع على من قد عرفت حريته بعينه أنه لا يطرأ عليها بعد ذلك رق والخبر لم يوجب الرق إلا حيث التبس تعيين الحرية فقدم الخبر على قياس الحرية الملتبسة على المتعينة في منع طرو الرق عليها.
  وقال إنما انعقد الإجماع على ضمان المثلي بمثله حيث حصل اليقين بالتماثل جنسا وصفة، ولبن المصراة يجوز أن يخالف لبن غيرها في صفة أو خاصية، فالخبر الوارد فيها إنما منع من قياس ما ظنت فيه المماثلة على ما علمت فيه.
  وقد يمنع كون خبري القرعة والمصراة مصادمين للقاطع من كل وجه، حتى يكونا مخالفين للأصول، إذ لم يجمع على أن الرق لا يطرأ على العبيد المعتقين على تلك الصفة، ولا على أن لبن المصراة يضمن بمثله، بل إنما دل القاطع المدعى على أن الحرية لا يطرأ عليها ذلك، وأن المثلي يضمن بمثله، وذلك عام فدلالته على تينك الصورتين ظنية، فالخبران إنما صادما ظنيا لا قطعيا، فلا يكونان من محل النزاع في طرف ولا وسط فيكون إيرادهما نصباً للمثال في غير محله.
  ولهذا قال بعض المحققين كان ينبغي من الجميع، القول بقبول ذلك، وإن خالف الأصول؛ لأن مخالفته لها مخالفة تخصيص لا مدافعة، وتخصيص القطعي بخبر الواحد جائز كما مر.
  واعلم أن كلام الأصحاب في هذه المسألة قشرٌ بلا لباب، ومنه العجب العجاب على أنه قد يتجافى عن نهج الصواب، ويلتبس بالتنافي والانضراب، ألا