[طرق رواية غير الصحابي]
  (أبو رشيد بل يصح) التعارض فيها حيث جهل التاريخ، والفعلان ضدان كالصوم والإفطار، فلا يصح التأسي به في أيهما عند جهل التاريخ لعدم الشعور بالمنسوخ منهما.
  (لنا:) أنه (إنما يقع) الفعلان المتدافعان(١) (في وقتين) فيقطع بتأخر أحدهما، (فلا تنافي بينهما)، فيمكن التأسي به فيهما فنكون متعبدين بالفعل في وقت وبضده في آخر.
  واعلم أن هذا الاستدلال ليس على ما ينبغي، إذ لا يتصور من أبي رشيد المخالفة في عدم التنافي على الكيفية المذكورة، ولا يلزمه الموافقة في ذلك، فإن التنافي الذي ذكره غير هذا التنافي المنفي، فقد نصب الدليل في غير محله، فالأولى أن يقال الفعل بمجرده لا يدل على التكرار ولا غيره، فإذا فعل ÷ ما يغاير ذلك الفعل في وقت آخر لم يتعارضا لاحتمال الوجوب في أحدهما، والجواز في الآخر، وذلك واضح على أنه ينبغي أن يحمل خلاف أبي رشيد على ما إذا تعارض الفعلان، وقد اقترن بكل منهما ما يقتضي التكرار فيخرج مما نحن فيه، وإنما حملناه على هذا لأنه يبعد من مثله الجهل بما ذكرناه حيث تجردا، أو الأول عما يقتضي التكرار.
  فرع: فإن دل دليل على وجوب تكرير الفعل الأول له أو لأمته، ودل الدليل على وجوب التأسي، فإن الثاني قد يكون نسخا لحكم الدليل الدال على التكرار،
(١) لأن التدافع إما (أن يكون من جهة الشيء، وتركه، أو فعل الشيء والضد) ولا يصح القادر فعل الشيء، وضده في وقت (واحد، وإنما يكون في وقتين)، فلا تنافي حينئذٍ بين الفعلين، بل يقطع بأن أحدهما متأخر، (فلا تنافي)، إذ يمكن التأسي به فيهما، لاختلاف الوقت.
قال أبو الحسين: فإما الفعلان الضدان في وقتين، فليسا متعارضين، بأنفسهما، لأنه لا ينافي وجودهما، ولا يمنع الاقتداء بهما فنكون متعبدين با لفعل في وقت، ويصده في وقت آخر. (حاشية منهاج الوصول على معيار العقول. ص ٥٧٣ - ٥٧٤).