القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[طرق رواية غير الصحابي]

صفحة 354 - الجزء 1

  قلنا: لا نسلم انحصار الفعل في الثلاثة، كما هو رأي الأكثر بشهادة قوله تعالى: {لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}⁣[الفتح: ٢]، فلا يتم ما أرادوه، وإن سلم فلا نسلم تحقق الإباحة لاسيما فيما ظهر فيه قصد القربة.

  (مسألة: وقد يعرف حكم فعله) الذي أوقعه عليه من وجوب وندب وإباحة (بالاضطرار) المتولد عن قرائن أحواله في قصده، فإن مقاصد المتكلم قد تعلم عن القرائن ضرورة، (وبما تصفه به) من كونه واجبا ومندوبا ومباحا بإقامة دلالة تدل على ذلك، (وبكونه بيانا) لنص مجمل عرف حكمه كما تقدم، (فحكمه حكم المبين) إن واجبا فواجب، وإن مندوباً فمندوب، وإن مباحا فمباح.

  (وما فعله) ÷ وعلمنا حسنه ولا دلالة على أن له صفة زائدة على الحسن كقتل القمل، والرمي بالنخامة (في الصلاة اقتضى الإباحة)؛ لأنها لا تجوز عليه المعصية فيما طريقه التبليغ، فيحكم بأنه مباح؛ لأن هذه حقيقة المباح.

  (وما فعله وعلمنا حسنه ولا دلالة على الوجوب، فندب).

  (قلت أو إباحة بحسب القرائن)، فإن قضت القرينة بأن له صفة زائدة على حسنه حينئذٍ، فمندوب لحصول حقيقته، وإن قضت بعدمها فمباح، وإلا فمتردد بينهما.

  وما فعله وعلمنا أنه قبيح إن لم يكن واجبا وكان فيما طريقه البلاغ، كشغل حيز الغير بالصلاة آخر وقتها بغير رضاه فوجوب، ولا يخفى أنه لا محل هنا للترديد، فإن الكلام فيما به يعرف الحكم على التعيين، فلو قال وعلمنا حسنه وقامت الدلالة على أن له صفة زائدة على حسنه ولا دلالة على الوجوب فندب، لكان هو الأنسب، كيف وقد سبق قسم الإباحة.

  (مسألة: ولا تعارض في أفعاله ÷)، وإن تناقضت أحكامها كصوم في يوم معين، وإفطار في يوم آخر مثله.