القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[بيان شريعته بعد البعثة]

صفحة 367 - الجزء 1

  (قلنا: لا دليل على النفي والإثبات)⁣(⁣١)، أما النفي فلأنه لا يمتنع أن يكون قد علم حسنها من شرع من قبله، فكيف يقطع في موضع الشك، وأما الإثبات والقطع به فمحل النزاع.

  سلمنا فقد يحسن الطواف، وكذا السعي إذا كان هناك غرض، وقد كان الغرض دفع الذم من قومه، والعقل قاض بذلك، فلعله فعل ذلك لهذا الغرض، وقد ينقض بهذا ما سبق في مسألة التعبد قبل البعثة، إذ كان مقتضى هذا التوقف ثم كما كان هنا والمخالف يجيب عما ذكر الأصحاب هنا بما سلف هناك⁣(⁣٢).

  فإن قيل فقد كان ÷ يركب البهائم وفي ذلك إيلامها، وقد علم أن العقل يقبحه، فلولا أنه عرف حسنه بشرع من قبله لكان مقدما على ما علم قبحه، وتنزيه الأنبياء عن مثل ذلك واجب.

  قلنا: قد ذكر أبو هاشم أن ركوبها يستحسن لنفعها من العلف والسقي وغير ذلك، فكان فعله ÷ له لهذا الغرض.

  وقد يدفع بأن المعلوم من حال الرسول فعل ذلك لا لنفعها المجرد، بل للرفاهية من السير، وغير ذلك مما يعود نفعه إليه، وقد كانت له قبل البعثة تجارات وأسفار يركب فيها الحيوانات لأغراضه الخاصة، وهذا أمر ظاهر لا يدفع، ومكشوف لا يتقنع.

  سلمنا فالعقل لا يستحسن إيلام حيوان بغير رضاه إلا لنفع جليل.


(١) لأنه لا يمنع أن يكون النبي ÷ قد علم حسن التذكية والطواف والسعي من شرائع الأنبياء.

لكنه يقال: هذا يقتضي أنه كان متعبداً بذلك، وقد منعتموه.

وقد أُجيب بأنه لا يرد؛ إذ قولنا: لا يمتنع يقتضي التردد والتوقف، لا القطع، وهو الذي سبق نفيه. وأنت تعلم أنه إنما بني على قول من توقف. (تمت حاشية المعيار - نفلاً من حاشية منهاج الوصول. ص ٥٨٧).

(٢) من أنه كا يتعبد ونحوه. تمت من هامش المخطوطة [أ].