القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[بيان شريعته بعد البعثة]

صفحة 366 - الجزء 1

  وأيضا فإنه ÷ قال: «من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» وتلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤}⁣[طه] وهي مقولة لموسى ، وسياق هذا الكلام يدل على الاستدلال بقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤}⁣[طه]، على أن⁣(⁣١) عند التذكر تجب الصلاة، وإلا لم يكن لتلاوته فائدة، وذلك دلالة الإيماء، ولو لم يكن هو وأمته متعبدين بما كان موسى متعبدا به في دينه لما صح الاستدلال، ولما أقف على ما يندفع به، هذان الدليلان في كلام الأصحاب.

  (مسألة: الفقهاء وجل المتكلمين لا يقطعون بأنه) ÷ (طاف وسعى وذكَّى البعثة) ولا بانتفاء ذلك، وبنوا على التوقف والتردد.

  وقطع المنصور بالله على أنه ÷ كان يعلم ذلك من دين المرسلين، قال ولأن المعلوم من حال قريش تعظيم البيت ولبني هاشم في ذلك اليد الطولى، فلو لم يشتهر بالطيافة حوله لنقصه المشركون بذلك، ومعلوم أنهم لم ينقصوه بشيء من ذلك.

  وقال (أبو رشيد يقطع أنه لم يفعل) شيئا مما ذكر؛ لأن الطواف والسعي ما لم يتعلق بهما غرض قبيحان، لو لا ورود الشرع، ولم يكن حينئذٍ متعبدا بشرع، وفي التذكية إيلام الحيوان والعقل لا يحسن مضرة حيوان لأمر يعود عليه نفعه بغير اختياره، إلا حيث ذلك النفع يَخْتَارُ كل⁣(⁣٢) عاقل نزول الضرر به لأجله، وهو بمعزل عما نحن فيه، بل ذلك ضرر محض لا يعود به عليه شيء من النفع، فثبت قبحه، ولا يجوز على الأنبياء الإقدام على ما علموا قبحه.


(١) هكذا هي مكتوبة في المخطوطتين [أ، ب]، ولعل الأصح أن تكون [أنه] بدل [أن]. تمت.

(٢) وذلك حيث يكون النفع أكثر من الضرر. تمت.