القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[استدلال ابن الحاجب على حجية الاجماع]

صفحة 376 - الجزء 1

  أن عيسى قد قتل، فإن كلا منها قد اشتمل على جميع ما ذكر من القيود، مع أن العادة لا تحكم بإسناده إلى قاطع.

  وأجيب بأن الأول عن نظر عقلي وتعارض الشبه واشتباه الصحيح بالفاسد فيه كثير، بخلاف الشرعيات، فالفرق بين القاطع والظني فيها بيّن لا يشتبه على أهل المعرفة.

  وبأن الثاني والثالث عن الإتباع لآحاد الأوائل لعدم تحقيقهم، والعادة لا تحيله بخلاف ما ذكرنا.

  والحاصل: أن شيئا من ذلك لا يشتمل على جميع القيود، لانتفاء الشرعية في الأول، والتحقيق في الآخرين، وهذا خلاف ما ذكره المصنف وعزاه إلى ابن الحاجب، فليت شعري من أين أخذه.

  قال سعد الدين فإن قيل لو صحت القاعدة المذكورة لكفت في حجية كل إجماع من غير احتياج إلى توسط الإجماع على تخطئة المخالف، واستلزمت وجود قاطع في كل حكم وقع الإجماع عليه، وفساده ظاهر.

  قلنا: ليس كل إجماع إجماعا على القطع بالحكم؛ لتحكم العادة بوجود قاطع، كما في الإجماع على القطع بتخطئة المخالف، بل ربما يكون حكم كل من أهل الإجماع ظنيا مستندا إلى أمارة، لكن يحصل لنا من اتفاق الكل القطع بالحكم، فلذا قال قد أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف، ولم يقل على تخطئة المخالف.

  قالوا أولاً قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، فلا مرجع في تبيان الأحكام إلا إليه والإجماع غيره.

  قلنا: لا تنافي في كون غيره أيضا تبيانا ولا كون الكتاب تبيانا لبعض الأشياء بواسطة الإجماع، وإن سلم، فغايته الظهور، فلا يقاوم القاطع.

  قالوا ثانياً لما سأل النبي ÷ معاذا عن الأدلة أهمله ولم يذكره، وقرره رسول