[إحداث قول ثالث مخالف للقولين الأولين]
[إحداث قول ثالث مخالف للقولين الأولين]
  (مسألة:) إذا اختلف أهل العصر على قولين لا يتجاوزونهما، فهل يجوز إحداث قول ثالث ممن بعدهم مخالف للقولين الأولين، كفسخ النكاح بالعيوب الخمسة، الجنون والجذام والبرص والجب والعنة من جهة الزوج، والثلاثة الأول والقَرْنِ والرتْقِ من جانب الزوجة، قيل يفسخ بها كلها.
  وقيل: لا يفسخ شيء منها، فالفرق وهو القول بأنه يفسخ في البعض دون البعض قول ثالث، وكالجد مع الأخ قيل يرث المال كله ويسقط الأخ، وقيل بل يقاسم الأخ، فالقول بحرمانه قول ثالث.
  في ذلك إطلاقان وتفصيل، (و) هو أنه (يجوز إحداث قول ثالث إن لم يرفع القولين)، كمسألة فسخ النكاح ببعض العيوب؛ لأنه وافق في كل مسألة مذهبا، ويمتنع إن رفع شيئا متفقا عليه كمسألة الجد، للاتفاق على أنه لا يحرم، وهذا هو الذي ذهب إليه ابن الحاجب واختاره المصنف.
  لنا: أما أن الأول جائز، فلأنه لم يخالف إجماعا، ولا مانع سواه فجاز.
  وأما أن الثاني ممنوع، فلأنه إذا رفع مجمعا عليه فقد خالف الإجماع فلم يجز، ويوضحه مثال، وهو أنه لو قيل لا يقتل مسلم بذمي، ولا يصح بيع الغائب، وقيل يقتل ويصح، فلو جاء ثالث وقال يقتل ولا يصح، وعكسه لم يكن ممتنعا بالاتفاق لأنهما مسألتان وافق في أحدهما بعضا وفي الأخرى بعضا، وإنما الممنوع مخالفة الكل فيما اتفقوا عليه، هذا هو التفصيل.
  (وقيل: لا) يجوز إحداث من بعدهم قولاً ثالثاً (مطلقا)، سواء رفع متفقا عليه أَوْ لا، محتجين بأن الأولين متفقون على عدم التفصيل في العيوب الخمسة، والمحدث للقول الثالث مفصل، فقد خالف الإجماع، فلا يجوز.
  (قلنا: لا مانع) إلا حيث رفع القولين، فأبطل ما اتفقا عليه، وذلك مسلم لما