[إنقراض العصر لا يعتبر في انعقاد الإجماع]
  وكذلك الحكم إذا اختلف أهل العصر، ثم اتفقوا هم بعينهم بعد أن استقر الخلاف.
  فقيل إنه ممتنع(١)، وقيل جائز.
  والمجوزون(٢) قدا اختلفوا، فقيل حجة، وقيل ليس بحجة.
  وكل من اعتبر في الإجماع إنقراض العصر جوزه، وقال إنه إجماع إذا أنقرض عصرهم، والاستدلال الاستدلال، والجواب الجواب، إلا أن كونه حجة هنا أظهر مما قبله؛ لأن هاهنا لا قول لغيرهم مخالفا لهم، وقولهم بعد ظهور خطأه لم يبق معتبرا، فهو اتفاق كل الأمة، بخلاف ما قبله، فإنه إذا اعتبر من خالفهم من الموتى فهو بعض الأمة.
  ولهذا الفرق فرق (بعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفه) بينهما.
  فقالوا (إن أجمع المختلفون فحجة)، وإن أجمع غيرهم فلا.
  وأمَّا إذا اختلف أهل العصر، ثم اتفقوا بعينهم عقيب الاختلاف من غير أن يستقر الخلاف بينهم، فإجماع وحجة، وإنه ليس ببعيد، ومعنى عدم استقراره، أن يكون خلافهم وأقوالهم على طريق البحث عن المأخذ، كما جرت به عادة النظار قبل اعتقاد حقيقة شيء من الطرفين، والذي ذهب إلى أن ذلك ممتنع، هو (الصيرفي والجويني والغزالي)، وإنما قالوا بأنه (لا يقع لذلك) الذي قررناه، وهو أنه لو وقع لتعارض الإجماعان، وقد تقدم.
  (قلنا: لا مانع) من ذلك كما ذكرنا.
(١) أنه ممتنع أي وقوع الاجماع، وذلك لأنه يشترط عندهم في صحة انعقاد الاجماع أن لا يسبقه خلاف سابق مستقر. تمت عبدالله حسين مجدالدين.
(٢) المجوزون هم الذين لا يرون أن الخلاف السابق المستقر شرط في انعقاد اجماع متأخر. تمت عبدالله حسين مجدالدين.