القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حد القياس اصطلاحا]

صفحة 416 - الجزء 1

  وذلك أصلا لحاجته إليه وابتنائه عليه، ولا يمكن ذلك في كل شيئين، بل إذا كان بينهما أمر مشترك، ولا كل مشترك، بل مشترك يوجب الاشتراك بأن يستلزم الحكم، وهو المسمى علة الحكم، فلابد أن نعلم علة الحكم، ونعلم ثبوت مثلها في الفرع؛ لأن ثبوت عينها ممالا يتصور؛ لأن المعنى الشخصي لا يقوم بعينه بمحلين، وبذلك يحصل ظن مثل الحكم في الفرع وهو المطلوب.

  مثاله: أن يكون المطلوب حرمة النبيذ فيقاس على الخمر لمساواته للخمر فيما هو علة لحرمة الخمر من الإسكار، فإن ذلك دليلٌ على حرمة النبيذ وحرمته هو الحكم المثبت بالقياس وثمرته.

  لا يقال إن الحمل قد جعل جنسا له وأنه غير صادق عليه لأنه ثمرة القياس، ولا شيء من ثمرة القياس بقياس؛ لأنا نقول ليس المراد بالحمل ثبوت الحكم في الفرع ليكون ثمرة القياس بل وجوب التسوية في الحكم عند قصد إثبات الحكم في الفرع بذلك الحمل إلا أن استعمال الحمل في ذلك مجاز.

  وقولنا: شيء على شيء يتناول جميع ما يجري فيه القياس من موجود ومعدوم، وممكن ومستحيل، والمستحيل وإن لم يكن شيئا بالاصطلاح فهو شيء لغة، وقولنا: بإجراء حكمه عليه يتناول القياس في الحكم الوجودي والحكم العدمي، والجامع قد يكون حكما شرعيا، وقد يكون وصفا عقليا إثباتا أو نفيا، كقولنا: الكلبُ نجس فلا يصح بيعه كالخنزير، والنجس المغسول بالخل ليس بطاهر، فلا تصح الصلاة فيه كالمغسول باللبن، والنبيذ مسكر، فيكون حراما كالخمر، والصبي ليس بعاقل فلا يكلف كالمجنون.

  واعلم أن المراد بوجوب التسوية المرادة في الحد بالحمل وجوب التسوية في الواقع فيختص بالقياس الصحيح هذا عند من يثبت ما لا مساواة فيه في الواقع قياسا فاسدا.