[حد القياس اصطلاحا]
  وأما المصوبة فالقياس الصحيح عندهم ما حصلت فيه المساواة في نظر المجتهد سواء ثبت في نفس الأمر أم لا، حتى لو تبين غلطه فوجب الرجوع عنه فإنه لا يقدح في صحته عندهم بل ذلك انقطاع لحكمه لدليل صحيح آخر حدث وكان قبل حدوثه القياس الأول صحيحا، وإن زال صحته بخلاف المخطئة فإنهم لا يرون ما ظهر غلطه ووجب الرجوع عنه محكوما بصحته إلى زمان ظهور خلافه بل كان فاسدا وتبين فساده.
  وإذا أردنا دخول القياس الفاسد معه في الحد لم نشرط المساواة لا في الواقع ولا في نظر المجتهد.
  وقلنا: إنه تشبيه شيء بشيء فإن كان الشبه الجامع حاصلا فالتشبيه مطابق وإلا فغير مطابق وعلى كل تقدير فالمشبّه، إما أن يعتقد حصوله فصحيح في الواقع أو في نظره، وإما ألا يعتقد حصوله ففاسد، وهذا الحد يشمل قياس الدلالة، وهو ما لا يجمع فيه بالعلة بل بوصف ملازم لها كما لو علل في قياس النبيذ على الخمر برائحته المشتدة وسيجيء ذكره.
  فإن قيل: فإنه يخرج عنه قياس العكس فإنه يثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علته.
  مثاله: لما كان الوتر يؤدى على الراحلة كان نفلا قياسا على الصبح لما كان فرضا لم يؤد على الراحلة.
  قلنا: إنه ملازمة، والقياس لبيان الملازمة، وحاصله لو لم يكن الوتر نفلا لما كان يؤدى على الراحلة، واللازم منتف، ثم تبين الملازمة بالقياس على فرض الصبح فإنه لما كان لا يؤدى على الراحلة كان واجبا، ولا شك أنا إذا فرضنا عدم تأدية الوتر على الراحلة وثبت استلزامه للوجوب قياسا على صلاة الصبح فإن التساوي بين الوتر وفرض الصبح في الوجوب حاصل، وإن لم يكن حاصلا في