[شبه حجج المانعين بالتعبد بالقياس والرد عليها]
  قلنا: لا نسلم أن ذلك يمنع جواز التعبد بالقياس.
  أما الفرق بين المتماثلات؛ فلأن المتماثلات إنما يجب اشتراكها في الحكم إذا كان ما به الاشتراك يصلح علة للحكم ليصلح جامعاً ولا يكون له معارض في الأصل هو المقتضي للحكم دون هذا ولا معارض في الفرع أقوى يقتضي خلاف ذلك الحكم وشيء من ذلك غير معلوم فيما ذكرتم من الصور.
  وأمَّا الجمع بين المختلفات فلجواز اشتراك المختلفات في معنى جامع هو العلة للحكم في الكل، فإن المختلفات لا يمتنع اشتراكها في صفات ثبوتية وأحكام، وأيضا فيجوز اختصاص كلٌ بعلة تقتضي حكم المخالف الآخر فإن العلل المختلفة لا يمتنع أن توجب في المحال المختلفة حكما واحدا.
  (وقيل:) يمتنع (إذ) النص أعلى منه في البيان وهو (لا يجوز من الحكيم الاقتصار على أدون البيانين) مع قدرته على أعلاهما.
  قلنا لا نسلم أن ذلك يقتضي منع جواز التعبد به فإنا متعبدون بالعلوم الاستدلالية، وهي دون الضرورية، فلو ثبت ما زعمتم لامتنع ذلك، وقد عرفتم عدم امتناعه فكذا هنا.
  (وقيل: يمتنع إذ يؤدي إلى التناقض) الباطل فيكون باطلا.
  بيانه أنه لا بُعْدَ في أنْ تعارض علتان تفضي كل واحدة إلى نقيض حكم الأخرى، وحينئذٍ يجب اعتبارهما وإثبات حكمهما؛ لأنه المفروض، فيلزم التناقض.
  قلنا: هذا الفرض إن كان في قائس واحد، رجح بطريق من طرق الترجيح وسيجيء، فإن لم يقدر فإما أن يتوقف فلا يعمل بهماكما لا دليل؛ لأن شرط ثبوت حكمه عدم المعارض المقاوم، وإما أن يخير فيعمل بأيهما شاء وإن تعدد فعدم التناقض واضح إذ يعمل كل بقياسه فلا يتحد متعلقاهما، ثم إن هؤلاء أيضا