[جواز تعدد العلة]
  لو حلف لم يقع له حدث البول مثلا حنث، ولا يمتنع ذلك كما لا يمتنع اجتماع الأدلة على مدلول لما علمت أن العلل الشرعية أدلة.
  المانع قال: لو جاز تعدد العلل المستقلة، لكان كل واحدة منها مستقلة بالفرض غير مستقلة؛ لأن معنى استقلالها ثبوت الحكم بها، وقد قلنا لا يثبت بها، بل بغيرها، وأيضا فلنفرض التعدد في محل واحد في زمان واحد بأن يلمس ويمس معا فيلزم التناقض إذ يثبت الحكم بكلٍ بدون الآخر فيثبت بهما ولا يثبت بهما.
  قلنا: لا نسلم لزوم الأمرين، فإن معنى استقلالها ليس بثبوت الحكم بها في الواقع، بل أنها إذا وجدت منفردة يثبت الحكم بها، وذلك لا ينافي ثبوت الحكم بغيرها إذا لم توجد، أو بها وبغيرها إذا وجدت غير منفردة، وبذلك يندفع لزوم عدم استقلالها وهو ظاهر، وكذا لزوم التناقض عند الاجتماع، فإن انتفاء الاستقلال عند الاجتماع لا ينافي الاستقلال على تقدير الإنفراد، وثبوت الاستقلال على تقدير الإنفراد أمر ثابت عند الاجتماع، وتسميته بالاستقلال مجاز، بمعنى أنها بحيث لو أنفردت كانت مستقلة، وهذا وإن خالفه ما قلناه من أن كلاً منها حينئذٍ علة مستقلة، إلا أن مثل ذلك لا يبعد في مقام الجواب.
  المجوز في المنصوصة فقط، قال لا بعد في تعددها إذ لا مانع أن يعين الله لحكمٍ أمارتين أما المستنبطة إذا اجتمعت أوصاف كلٌ صالح للعلية حكمنا بكون كل واحد جزء العلة إذ الحكم بالعلية دون الجزيئة تحكم؛ لقيام الاحتمالين في نظر العقل ولا نص يعين أحدهما، وإلا رجعت منصوصة وهو خلاف المفروض.
  قلنا: أما أولاً: فمعارض فإن الحكم بالجزئية دون العلية تحكم أيضا.
  وأما ثانياً: فإنه لمَّا ثبت الحكم بكلٍ عند الإنفراد، إستنبط العقلُ أن كلاً منها علة مستقلة عند الاجتماع لا الكل، وإلا لما ثبت الحكم في محال أفرادها، فيحكم حينئذٍ باستقلال كل منها.