[جواز تعدد العلة]
  العاكس قال: المنصوصة قطعية بمعنى أن الشارع بين ما كان باعثا له على الحكم فلا يقع فيما عينه التعارضُ والاحتمالُ، وهذا بخلاف المستنبطة فإنها ليست بقطعية فيمكن أن يكون الباعث هذا كما يمكن أن يكون ذاك على سواء، وقد ترجح كل بما نثبته من مسالك العلة فيحصل الظن بعلية كل منهما.
  قلنا: إن النصوصية ههنا في مقابلة الاستنباط لا الظهور حتى يستلزم القطعية، ولو سلم فتعدد البواعث جائز، فلا يكون في اجتماعها تعارض حتى يلزم تعارض القطعيات.
  الجويني قال إمكان تعليل الحكم الواحد بعلتين من طريق العقل في غاية الظهور، لكنه ممتنع شرعا، وإلا لوقع ولو على سبيل الندور، فإذا لم يتفق وقوع هذا في مسألة ولم يتشوق إلى طلبه طالب لاح كفلق الصبح أن ذلك ممتنع شرعا ليس ممتنع عقلا، ثم ادعى فيما تقدم من أسباب الحدث أن الأحكام متعددة للانفكاك، ولذا فإنه قد قيل إذا نوى رفع أحد أحداثه لم يرتفع الآخر.
  قلنا: لا نسلم أنه لم يقع ولم ينقل كما في الصورة المذكورة وأنى له إثبات التعدد في الحدث.
  والتجويز لا يكفيه لأنه مستدل بدليل.
  وإذا عرفت ذلك المبحث، فهل يجوز عكسه وهو تعليل حكمين بعلة واحدة؟
  أما بمعنى الأمارة فلا خلاف في جوازه ووقوعه كغروب الشمس لجواز الإفطار ووجوب المغرب.
  وأما بمعنى الباعث فقد اختلف فيه.
  والمختار جوازه لأنه لا بُعْدَ في مناسبة وصف واحد لحكمين كالسرقة فإنها وصف مناسب للقطع تحصيلا لمصلحة الزجر وللتغريم تحصيلا لمصلحة جبر نقص المال فالوصف السرقة، والحكم القطع، والتغريم والمصلحة الزجر والجبر،