القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الحقيقة العرفية:]

صفحة 49 - الجزء 1

  النفي والإثبات لا يفيد إلا التردد بين النفي والإثبات، وهذا معلوم لكل أحد.

  وصرح سعدالدين بأنه لم يتحقق وضع اللفظ للنقيضين بالتحقيق، بل قال في التمثيل كالأمر للإباحة والتهديد مثلًا.

  (لنا وقوعه) وإنَّه دليل الصحة، وذلك (كالجون) فإن أهل اللغة أطبقوا على أنه (للسواد والبياض) على البدل من غير ترجيح.

  (و) على أن (القرء للطهر والحيض) كذلك، وهو معنى الاشتراك، وقولنا على البدل، احتراز عن المتواطي؛ لأنه للقدر المشترك كما سيأتي، وعن الموضوع للجميع من حيث هو ككل وجميع، وقولنا من غير ترجيح؛ ليخرج الحقيقة والمجاز.

  قالوا: لو وضعت الألفاظ المشتركة لأختل المقصود من الوضع؛ لأن التفاهم لا يحصل مع الاشتراك؛ لخفا القرائن، وقيل: ما يظن به ذلك فإما مجاز أو متواطي، فالجون مثلا موضوع لهيئة مؤثرة في البصر، والسواد والبياض يشتركان في ذلك.

  قلنا: لا نسلم أنه لا يحصل التفاهم حينئذٍ؛ لأن المقصود يعرف بالقرائن مفصلا، سلمنا، لكن ليس المقصود التفاهم التفصيلي في جميع اللغة بدليل أسماء الأجناس، بل قد يقصد التعريف الإجمالي كما يقصد التفصيلي، المانع منه في القرآن أو فيه وفي الحديث، قال إن وقع مبيَّنا، كما لو قيل: ثلاثة قروء أطهار، فإنه يطول بغير فائدة، إذ يغني عن ذلك مثلا ثلاثة أطهار، وإن وقع غير مبين لم يفد، وكلاهما نقص، يجب تنزيه كلام الحكيم عنه.

  قلنا: لا نسلم أن وقوعه غير مبين لا يفيد؛ لأنه يفيد فائدة إجماليه كما في أسماء الأجناس، ثم إن له فائدة في الأحكام خاصة، وهو الاستعداد للامتثال إذا بين، وأنه مطيع بالعزم على الامتثال والاستعداد له كما يعصي بخلافه، ثم إنه قد وقع قال تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}⁣[البقرة: ٢٢٨] وقال {وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ١٧}⁣[التكوير]، وهو