[المناسب المرسل وأنواعه]
  ثم إن المرسل (أنواع) ثلاثة أيضا (ملائم، وغريب، وملغى، فالأخيران مطرحان اتفاقا، والأول) وهو الملائم منه (مختلف فيه، والصحيح للمذهب) هو (اعتباره)، وأنه من الجهات التي يتوصل إلى الأحكام الشرعية بها، (و) اعتباره والتوصل به إلى ذلك (هو) أيضا (قول مالك)، بل كان له به لهج كثير حتى أنه نسب إلى إفراط مذموم وهو القول بجواز قتل ثلث من لا يستباح دمه لبقاء الثلثين، (وتردد الشافعي) في اعتباره وعده من الطرق الموصلة إلى الأحكام.
  وصرح الجويني (و) الغزالي بقبوله، إلا أنه (اشترط الغزالي) في قبوله شروطاً ثلاثة (كون المصلحة ضرورية)، قيل: وهي ما يكون معها زهوقُ الروح، يعني مع عدم مراعاة تلك المصلحة لا حاجية، وهو ما يكون معها لحفظ الأموال والأعضاء والأعراض إلى غير ذلك مما يحتاج، ويتضرر بفقده، ولا زهوق هنالك للأرواح حيث لم تراع تلك المصلحة، و (كلية) لا جزئية مختصة ببعض، و (قطعية) لا ظنية، كما إذا تترس الكفار الصائلون بأسارى المسلمين إذا علم أنهم إن لم يرموهم استأصلوا المسلمين المتترس بهم وغيرهم، وإن رموا أندفع قطعا (فيجوز رميهم حينئذٍ)، وإن أفضى إلى قتل الترس لما فيه من دفع المفسدة الكثيرة إذ ذلك ملائم لتصرفات الشرع؛ لأنه قد روعي فيها دفع المفسدة الكثيرة بفعل المفسدة اليسيرة كقطع اليد المتآكلة والفصد والحجامة لسلامة الجسد، بخلاف أهل قلعة تترسوا بمسلمين فإن فتحها ليس في محل الضرورة، وكذا رمي بعض المسلمين من السفينة في البحر لنجاة بعض، وكذا إذا خيف الاستئصال توهما لا يقينا، (وسيأتي) لهذا زيادة بيان في باب السير من كتاب الأحكام، ولابد من تحقيق كل من أفراد المرسل بحقيقة تفصله عن غيره.
  (فالملائم من المرسل) هو: (ما قد ثبت له اعتبار جملي في الشرع غير معين لكنه مطابق لبعض مقاصد الشرع الجملية كما سيأتي) بيان ذلك عند تمثيله، ومعنى عدم تعيينه أنه لم يثبت في الشرع اعتبار عينه أو جنسه في عين الحكم أو جنسه وإنما يثبت