القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[السادس: الشبه]

صفحة 523 - الجزء 1

  أرادوا أنه إذا قد ثبت تعليل ذلك الحكم جملة ثم وجدنا وصفا يوجد بوجوده وينتفي بانتفائه كان ذلك بمجرده مفيدا ظن عليته من غير نظر إلى حصر وتقسيم وإبطال، وليس كذلك السبر فافترقا.

  والذي ذكر ابن الحاجب وغيره في الدوران أنه اختلف فيه على مذاهب:

  أحدها: يفيد بمجرده ظنا، ثانيها: يفيد قطعا.

  ثالثها: وهو المختار عنده لا يفيد قطعا ولا ظنا.

  قال سعد الدين: على كلام ابن الحاجب قد اعتبروا في الدوران صلوح العلية ومعناه ظهور مناسبة ما وقد جعل مجرد الطرد ههنا خاليا عن المناسبة فصار هذا منشأ الاختلاف في إفادته العلية، إذ لا خفاء في أن الوصف إذا كان صالحا للعلية، وقد ترتب الحكم عليه وجودا وعدما، حصل ظن العلية بخلاف ما إذا لم تظهر له مناسبة كالرائحة للتحريم. انتهى.

  ومثال ما يترتب عليه وجودا وعدما: ما إذا دعي الإنسان باسم مغضب فغضب ثم ترك فلم يغضب وتكرر ذلك مرة بعد أخرى وهذا يقوي ما ذكر سعد الدين إذ نعلم بالضرورة أن الاسم سبب الغضب حتى أن من لا يتأتى منه النظر كالأطفال يعلمون ذلك ويتبعونه في الدروب يقصدون إغضابه فيدعونه به ولولا أنه ضروري لما علموه.

  واعلم أن كلام العلماء بأسرهم في الشبه في غاية الاضطراب حتى قال الجويني: لا يتحرر في الشبه عبارة مستمرة في صناعة الحدود؛ وذلك لاختلاف عباراتهم في تفسيره، فإن منهم من فسره بأنه الوصف المجامع لآخر إذا تردد بهما الفرع بين أصلين فالأشبه منهما هو الشبه كالنفسية والمالية في العبد المقتول فإنه يتردد بهما بين الحر والفرس وهو بالفرس أشبه إذ مشاركته له في الأوصاف والأحكام أكثر، وحاصله تعارض مناسبتين ترجح أحدهما.