[تعارض العلل]
  واخترنا استيفاء الكلام، ثم لأنه أنسب.
  (وقد يصح) في العلل المتعددة لحكم واحد (تقارنها وتعاقبها) كأن يلمس ويمس في وقت واحد، أو في وقتين، وقد تقدم تقرير ذلك، (ويصح كونها حكما شرعيا) إذا كانت بمعنى الأمارة المجردة، وذلك ظاهر للقطع بأنه لا امتناع في جعل الشارع أحد الحكمين أمارة للآخر بأن تقول إذا حرمت كذا فقد حرمت كذا، وإما بمعنى الباعث فقيل يجوز، وهو المختار.
  وقيل: لا يجوز لأنه إن تقدم الحكم الذي هو العلة لزم النقض وهو تخلف الحكم عن العلة.
  وإن تأخر لم يجز لما مر من امتناع كون ثبوت العلة متأخرا عن ثبوت حكم الأصل، وإن قارن فلا أولوية لأحدهما بالعلية فيلزم التحكم.
  وقد يمنع التحكم لثبوت المناسبة أو غيرها في أحدهما فقط.
  واختار ابن الحاجب تفصيلا هو: أنه إن كان باعثا على حكم الأصل لتحصيل مصلحة يقتضيها حكم الأصل جاز، كما يقال في بطلان بيع الخمر علته النجاسة؛ لمناسبتها المنع من الملابسة تكميلا لمقصود البطلان، وهو عدم الانتفاع والنجاسة حكم شرعي.
  وأما إن كان لدفع مفسدة يقتضيها حكم الأصل فلا يجوز؛ لأن الحكم الشرعي لا يكون منشأ مفسدة مطلوبة الدفع، وإلا لم يشرع ابتداء.
  واعترض قوله أنه إن كان لدفع مفسدة ... الخ، بأنه يجوز أن يشتمل الحكم الشرعي على مصلحة راجحة ومفسدة مرجوحة مطلوبة الدفع فتدفع بحكم آخر شرعي، وذلك كحد الزنا فإنه حكم شرعي مشتمل على مصلحة راجحة هي حفظ النسب وهو حد ثقيل لكونه دائرا بين رجم كما في المحصن وبين جلد وتغريب كما في غيره، وفي كثرة وقوعه مفسدة مَّا من إتلاف النفوس وإيلامها