الجنس الخامس:
  الجدال بالانتقال والاشتغال.
  الثاني: المعارضة في الفرع بما يقتضي نقيض الحكم فيه بأن يقول: ما ذكرته من الوصف وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع فعندي وصف آخر يقتضي نقيضه فيتوقف دليلك والمعارضة في الفرع هي التي نعني بالمعارضة عند الإطلاق في باب القياس بخلاف المعارضة في الأصل فإنها تُقَيَّد ولابد من بناء المعترض على أصل بجامع تثبت عليته على نحو ما يثبت المستدل به علية وصفه بلا فرق ولا يجب أن يثبت عليته بالمسلك الذي سلكه المستدل فيصير هو مستدلا آنفا والمستدل معترضا فتنقلب الوصيفتان.
  وقد اختلف في قبول المعارضة والمختار قبولها لئلا تختل فائدة المناظرة وهو ثبوت الحكم لأنه لا يتحقق بمجرد الدليل ما لم يعلم عدم المعارض.
  قالوا: فيه قلب المناظر لأنه استدلال من معترض فصار الاستدلال إلى المعترض، والاعتراض إلى المستدل، وهو خروج مما قصداه من معرفة صحة نظر المستدل في دليله إلى أمر آخر وهو معرفة صحة نظر المعترض في دليله والمستدل لا تعلق له بذلك ولا شيء عليه سواء تم نظر المعترض أو لم يتم.
  قلنا: إنه إنما يكون قلبا للمناظر لو قصد المعترض بسؤال المعارضة إثبات ما يقتضيه دليله وليس كذلك بل قصده إلى هدم دليل المستدل وقصوره عن إفادة مدلوله فكأنه يقول: دليلك لا يفيد ما أدعيت لقيام المعارض وهو دليلي فعليك بإبطال دليلي ليسلم لك دليلك فيفيد وكيف يقصد به إثبات ما يقتضيه وهو معارض بدليل المستدل فإن المعارضة من الطرفين وكل من الدليلين يبطل ثبوت مدلول الآخر.
  والجواب عن سؤال المعارضة بجميع ما مر من الاعتراضات من قبل المعترض على المستدل ابتداء.