[المشترك اللفظي]
  وأما ثالثاً: فلأنا لا نسلم سبق أحد المعنيين عند إطلاق المشترك بل ندعي سبقهما معا، كما هو مذهب الشافعي، على أنه لو سبق أحدهما لا على التعيين وكان حقيقة فيه لكان الاشتراك معنوياً لا لفظياً.
  ثم القول بكونه مجازًا عند الاستعمال في كلٍّ مِن المعنيين واهٍ؛ لأن كلا منهما نفس الموضوع له.
  (وقيل:(١) بل يصح) أن يراد كلا معنييها (ولا يقع)، والفرق بين هذه الصحة والأولى، إن المراد بتلك الصحة ما يعم اللغوية والعقلية، وبهذه الصحة العقلية فقط، بمعنى أنه لا دليل على امتناعه سوى منع أهل اللغة.
  وقال (أبو هاشم(٢) وأبو عبدالله البصري:)(٣) بل (لا يصح) أن يرادا مطلقا، زاعمين أن الدليل القاطع قائم على امتناع ذلك؛ لأن المتكلم إذا أراد بها معنى أنصرف عن إرادة الآخر، كما أنه لا يريد القيام والقعود في حال واحدة، ولا كون المحل أسود وأبيض في حال واحد.
  (قلنا: لا مانع) من إرادتهما معا كما ذكرنا، وما ذكراه لا يقدح في ذلك (إذ إرادتهما ليست إرادة ضدين) فيستحيل ذلك إذ لا يمتنع في المقدور إلا لو كان كذلك، والمراد إرادة حدوثهما في وقت واحد ومحل واحد، وامتناع إرادتهما ليس لاستحالة ذلك، بل لأن العلم باستحالة حدوثهما كذلك صارف عن إرادتهما
(١) أبو الحسين والغزالي. تمت من هامش المخطوطة [أ].
(٢) أبو هاشم: عبدالسلام بن محمد بن عبدالوهاب الجبائي. من كبار شيوخ المعتزلة. عده القاضي عبدالجبار، على رأس الطبقة التاسعة، ومثله فعل ابن المرتضى. توفي عام (٣٢١ هـ/ ٩٤٢ م). (تمت من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢٢٥).
(٣) أبو عبدالله البصري: الحسين بن علي بن إبراهيم الحنفي. فقيه متكلم ولد بالبصرة، وسكن في بغداد، وهو من كبار شيوخ المعتزلة. وله تصانيف كثيرة، فقد أكثرها. وتوفي في بغداد سنة (٣٦٩ هـ/ ٩٨٠ م). (تمت من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢٢٦).