فرع: [الخلاف في لزوم ترتب الأسئلة]
  المصلحة المرسلة لابد من ردها إلى جملة، علمنا من الشارع مراعاتها، وسميت مصالح؛ لأن الظن قد غلب بأن الحكم بها يطابق مقصودات الشارع ومصلحة المكلفين، وسميت مرسلة من حيث إن نصوص الشرع لم تناولها ولا ردت إلى أصل معين يستفاد حكمها من الرد إلى ذلك الأصل.
  وقد منع قوم من اعتبار المصالح المرسلة.
  لنا: لو لم تعتبر لأدى إلى خلو الوقائع عن الحكم لعدم مساعدة النص، وأصل القياس في الكل، وأنه باطل، وقد يمنع بطلان الخلو.
  وإن سلم فلا نسلم لزوم خلو الوقائع؛ لأن العمومات والأقيسة مأخذ الجميع.
  وإن سلم فإن انتفاء المدارك السمعية مدرك شرعي على ما سيجيء من أن الحكم عند انتفاء المدارك هو نفي الوجوب أو التحريم.
  وقال بعض محققي الأصحاب ما لفظه يدل على ذلك إن الذي دل على العمل بالقياس في الأحكام الشرعية هو ما تقرر من وجوب تتبع مقاصد الشرع، وأغراض الشارع، وملاحظة مراده فعلا وكَفَّاً، وإذا أمكن قيام أمارة فيما ليس له أصل معين مطابقة لمراد الشارع عُوِّلَ عليها كما عُوِّلَ على ذلك في القياس الذي له أصل معين فجريا مجرى واحدا، والجامع بينهما هو تغليب الظن بتعليق غرض الحكيم بوجه أو أمارة.
  ويدل على ذلك خبر معاذ وقوله أجتهد رأيي وأقره ÷ على ذلك والرأي يشمل ما له أصل معين وما ليس كذلك، ويدل على ذلك ما أنتشر عن الصحابة من القول بالرأي والعمل في الحوادث على أحكام لم يرجعوا فيها إلى أصل معين، ويدل على ذلك ما قد ثبت من أحوال عمل الأئمة والقضاة في مقادير الأرش والتعزير وقيم المتلفات ونحو ذلك مما لا يستند إلى أصل معين. انتهى.