[هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره]
  (وقيل: يجوز)(١) ذلك (مطلقا) مع عدم المجتهد أو وجوده، (وقيل: لا) يجوز(٢) (مطلقا).
  (لنا:) أنه قد ثبت (وقوع ذلك) وهو إفتاء من له اطلاع على المأخذ وأهلية للنظر في جميع الأعصار، وإن لم يكونوا مجتهدين، وتكرر (ولم ينكر،(٣) وأنكر) الإفتاء (من غيره) وهو من ليس له اطلاع على المأخذ، ولا أهليَّه للنظر فكان إجماعا.
  القائلون بالجواز قالوا: إنه ناقل، فلا فرق بين العالم وغيره كالأحاديث.
  قلنا: ليس الكلام فيمن ينقل عن المجتهد حكما، فإنه متفق عليه، ذكر ذلك ابن الحاجب، إنما الخلاف فيما هو المعتاد في الأعصار على أنَّه مذهب الهادي أو الشافعي أو أبي حنيفة.
  القائلون بالمنع قالوا: لو جاز لجاز للعامي لأنهما في النقل سواء.
  قلنا: إن الإجماع هو الدليل، وقد جوزه للعالم دون العامي، وأيضا فالفرق ظاهر وهو علمه بمأخذ أحكام المجتهد وأهليته للنظر دون العامي فلا يصح التسوية بينهما.
  (قلت: و) هذا (الخلاف) الذي نقلناه ههنا إنما هو (في غير الحكاية كما ذكر ابن الحاجب) في جواب شبهة القائلين بالجواز، وكما قد أشرنا إلى ذلك في صدر
(١) إفتاء المقلد بمذهب إمامه مطلقا أي سواء كان مطلعاً على المأخذ، أهلاً للنظر أم لم يكن.
قلت: ولكن إنما يفتي بنصوصه، إذ ليس أهلاً للترجيح ... والتخريج وفتواه عند هؤلاء ليس على وجوه الحكاية، بل يجوز أن يقول هذا جائز، أو محرم، غير مضيف إلى إمامه، بل كما يفتي المجتهد. (انظر منهاج الوصول إلى ص ٧٩٤).
(٢) أي لو كان أهلاً للنظر، إذ لا يجزم بالتحليل، والتحريم إلا العالم بوجهه. (انظر منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٧٩٤).
(٣) أي، ولم ينكر: عليهم الإفتاء بذلك، فكان إجماعاً على الجواز، إذ لو كان منكراً لم يسكتوا عنه. (انظر منهاج الوصول ص ٧٩٥).