القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخلاف في جواز تنقل العامي الملتزم مذهبا معينا]

صفحة 628 - الجزء 1

  ذلك الجامع وهذه معارضة.

  ويعترض بأن كون انتقال الملتزم خروجا عما قد اختير لا لمرجح غير مسلم لما في ذلك من التنفيس وعدم التضييق، ولو سلم فلا يضر كما في أصل المعارضة، وأنتم تقولون به، ولو سلم فلا إجماع على تعليل حرمة الانتقال على المجتهد بذلك، ومجرد الإجماع على منع الخروج مما قد اختير لا لمرجح، لو ثبت لا يجدي؛ لأنه قد يوجد المرجح ههنا على أنه لم يثبت ذلك الإجماع، إذاً لحرم ذلك أيضا في صورة المعارضة، ولو سلم الإجماع على تعليله بذلك فمن شرط العلة ألا يتخلف حكمها، أينما وجدت، وقد تخلف كما في تلك المعارضة.

  والتحقيق أنه: إنما حرم على المجتهد الانتقال؛ لأنه متى حصل له من نظره في أمارةٍ ظنٌ بحكم، جزم بوجوب عمله بمقتضاه، لانعقاد الإجماع على أنه يجب عليه العمل بمقتضى ظنه، وليس كذلك المقلد، فإن ظنه لا يفضيه إلى علم، إذ لم ينعقد إجماع على وجوب إتباعه لظنه، بل أنعقد على خلافه.

  (وقيل:) إنه (يجوز) له بعد الإلتزام الانتقال⁣(⁣١) (لتصويب المجتهدين) فهو منتقل من صواب إلى صواب، ومثل ذلك لا ينقد ولا يعاب، وكذا لو قلنا بتخطئة البعض، إذ المصلحة تتعلق بإتباع من شاء، سواء قلنا بالتصويب أو بتخطئة البعض، كما قد علمت، وأيضا فإن التحريم حكم شرعي ورفع للجواز الأصلي، فلابد له من دليل، والأصل عدمه.

  (قلنا:) قولكم إن المصلحة تتعلق بإتباع من شاء وأنه ليس فيه انتقال من


(١) وفي الغاية وشرحها: ص/٢/ ٦٨٥. (مسألة) والتزام مذهب إمام معين أولى، لإيجاب البعض له، أي للالتزام، كالإمام المنصور بالله وشيخه وغيرهما، فيكون الالتزام أقرب إلى الأخذ بما يقرب من الإجماع؛ لأن الأكثرين بين قائل بالوجوب والندب. وعورض دليلهم على ما فيه بإيجاب البعض للأحوط من أقوال المجتهدين كوالدنا المنصور بالله # وغيره، وله فيه تفصيل مبسوط في إرشاده. تمت نقلاً من حاشية الكاشف لذوي العقول ص ٤٣١.