القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخلاف في جواز تنقل العامي الملتزم مذهبا معينا]

صفحة 631 - الجزء 1

  واضحة غير خفية، هو أن التقليدَ بدلٌ يجوز الأخذ به ضرورة لمن لا يمكنه الاجتهاد، ولا يجوز الأخذ بالبدل مع التمكن من المبدل كالوضوء والتيمم.

  وقد يقال ممنوع أنَّه بدلٌ بل يخير فيهما عندنا، ولنا أيضا أن جواز تقليده لغيره حكم شرعي، فلا يثبت (إلا لدليل، ولا دليل) إذ الأصل عدمه.

  وقد يقال النفي هنا تحريم شرعي، ودفع للجواز الأصلي فهو المحتاج إلى الدليل دون الجواز، أو كل منهما حكم شرعي يحتاج إلى دليل.

  المجوزون مطلقا قالوا: المعتبر الظن وهو حاصل بفتوى الغير فيجب العمل به.

  قلنا: إن ظنه باجتهاده أقوى من ظنه بفتوى الغير فيجب العمل بالأقوى.

  أبو علي ومن معه قالوا: قال ÷ «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».

  قلنا: إنه للمقلد، وهذا الخلاف في حق المجتهد قبل اجتهاده، (وأما بعد اجتهاده فيحرم) عليه تقليد مجتهد آخر (اتفاقا)⁣(⁣١).


(١) قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى # في منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٨٠٩.

تنبيه: قال الجويني والإمام يحي بن حمزة لا يجوز لأحد من المقلدين أن يقلد أحداً من الصحابة.

وعلل الإمام يحيى بعلة غير جيدة، وهي: أنه لم يكن لهم الخوض في علوم الاجتهاد مثلما لغيرهم من متأخري العلماء.

قلت بل اجتهادهم أوفى وأكمل؛ لأن علوم العربية، وأكثر أصول الفقه من عموم وخصوص، وإجمال وبيان ونسخ وغير ذلك، يعلمونه من غير تعلم ولا نظر بل بالغريزة ولا يصعب عليهم فهم معاني الكتاب والسنة ولا يحتاجون في نقل الأحاديث كما يحتاج المتأخرون من البحث عن حال الراوي وغير ذلك، فلا شك في أن اجتهادهم أكمل؛ وإنما العلة في ذلك أن الواحد منا، لو ألتزم قول الصحابي، وليس لهم من النصوص، في مسائل الفروع، إلا اليسير في بعض أبواب الفقه فيبقى على قول من زعم أنه لا يجوز للمقلد الأخذ بغير قول إمامه في شيء من المسائل متعطلاً في أكثر الأحكام عن التعلق بطريق شرعي. =