[أنواع المفهوم]
  آخر جزء منها، ويلزمه الإصباح جنبا (وإن) كان ذلك بلا شك (لم يقصد) في الآية، (ومثله {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}) إلى قوله {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧]؛ لأن حل المباشرة إلى الفجر يقتضي ذلك فهذه أقسام المنطوق.
[أنواع المفهوم]
  (مسألة: و) أما (المفهوم) فهو (نوعان) مفهوم (موافقة، و) مفهوم (مخالفة)؛ لأن حكم غير المذكور، إما موافق لحكم المذكور نفيا أو إثباتا أَوْ لا؟
  (فالأول) مفهوم الموافقة وهو: (كون المسكوت عنه موافقاً في الحكم) للمذكور، (و) هذا هو الذي (يسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب) أي معناه، قال الله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد: ٣٠] واللحن قد يطلق في اللغة على الفطنة وعلى الخروج من الصواب، (مثاله تحريم الضرب) المفهوم (من قوله تعالى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ) وَلَا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء: ٢٣]، إذ يعلم من حال التأفيف المنطوق به حال الضرب المفهوم منه مع الاتفاق في الحكم وهو إثبات الحرمة فيهما، (و) نحو (الجزاء بما فوق المثقال) المفهوم (من قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) ٧ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة] المذكور مثقال ذرة والمسكوت عنه ما فوقه والحكم متحد وهو الجزاء بهما إذ الرؤية كناية عنه، (و) نحو (تأدية ما دون القنطار) المفهوم (من) قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ (يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)}[آل عمران: ٧٥] وعدم تأدية ما فوق الدينار من قوله: {وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥] (ونحو ذلك).
  واعلم أن مفهوم الموافقة يثبت بالأقل مناسبة لترتب الحكم عليه على الأكثر مناسبة لترتب ذلك الحكم عليه فالتأفيف أقل مناسبة بالتحريم من الضرب، والذرة أقل مناسبة بالجزاء مما فوقها، والقنطار أقل مناسبة بالتأدية مما دونه،