القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ما هو وجه وجوب الواجب الشرعي]

صفحة 720 - الجزء 1

  الملطوف فيه لم يبق معنى اللطفية، وكيف يبقى (بعد مضي وقت الملطوف فيه) وهو لا يتأتى له حينئذٍ حظ التقريب، فلا يكون لطفا، فلا يجب وذلك واضح، ولتفصيل القول في هذه المسألة وفرعها موضع آخر.

  (مسألة: والنقيضان كل قضيتين إذا صدقت إحداهما كذبت الأخرى، وبالعكس)، وهو أنه إذا كذبت إحداهما صدقت الأخرى، والقضية هي التصديق لا باعتبار إطلاقه على أحد قسمي العلم على ما مر، كما زعم بعضهم بل باعتبار إطلاقه على المعلوم أي المصدق به، إذ يطلق التصديق على ذلك إطلاقا للمصدر على المفعول وتسمية للمحل باسم الحال.

  وقولنا: إحداهما لم يرد به إحداهما بعينه، بل ما يتناول كلا منهما، واحترزنا بالعكس عن المتضادين وهما الكليتان مثل: كل حيوان إنسان، لا شيء من الحيوان بإنسان، فإنه لا تناقض؛ لأن صدق كل منهما، وإن استلزم كذب الأخرى، لكن كذب كل لا يستلزم صدق الأخرى.

  وأنت خبير أن لفظة كل في الحدود مما يحترز عنه، لكنه # تابع ابن الحاجب في إيرادها على أن المقصود حاصل، إذ يعلم منه أن النقيضين قضيتان إلى آخره.

  واعتذر لابن الحاجب بأن أكثر تعريفات المشايخ المتقدمين من الأدباء والأصوليين على هذا النسق؛ لأن نظرهم على تحصيل المقاصد، وتفهيم المعاني، لا رعاية الاصطلاحات، فلا يناقشون في إهمال ما لا يضر بذلك، ولعلهم أرادوا التنبيه بملاحظة إحاطة الجزئيات التي هي أقرب إلى أذهان المبتدئين على المعاني المشتركة بينها، إذ لا شك أن الجزئيات أقرب إلى أذهان المتعلمين، فإذا ذكر ما يدل على الإحاطة يتوجه الذهن إليها، وإن كان على سبيل الإجمال، بخلاف المعاني المشتركة بينها فإن تعقلها مجردة عن ملاحظة الجزئيات أبعد عن أذهانهم، والضابط في التناقض هو أن القضية لا تخلو إما أن تكون شخصية نحو: زيد قائم،