القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ما هو وجه وجوب الواجب الشرعي]

صفحة 721 - الجزء 1

  أو غير شخصية مثل: كل إنسان كاتب، ونحو: بعض الحيوان ليس بإنسان.

  إن كانت شخصية وجب أن لا يكون بينها وبين نقيضها تغاير، إلا بتبديل كل من النفي والإثبات بالآخر، فيلزم أن يتحد المحكوم عليه والمحكوم به من هذا مع المحكوم عليه والمحكوم به من ذاك ذاتاً واعتباراً.

  وقلنا: ذاتا ليدخل مثل هذا إنسان هذا ليس ببشر، فإنهما وإن اختلف المحكوم به فيهما لفظا نقيضان لإتحاد الذات، وكون الإتحاد في اللفظ ليس بشرط.

  وقلنا: اعتبارا لأنه لابد من الإتحاد في الإضافة مثل زيد أبُ، ليس بأبٍ، إذ لو أردت في أحدهما لبكر وفي الآخر لعمرو لم يتنافيا، وفي الجزء والكل الزنجي أسود الزنجي، ليس بأسود إذ لو أردت في أحدهما جزؤه، وفي الآخر كله لم يتنافيا، وفي القوة والفعل مثل: الخمر في الدن مسكر، ليس بمسكر، وفي الزمان مثل: الشمس حارة، الشمس ليست بحارة، وفي المكان زيد جالس، زيد ليس بجالس، وفي الشرط الكاتب متحرك الأصابع، الكاتب ليس بمتحرك الأصابع، هذا إذا كانت القضية شخصية.

  وإن لم تكن شخصية لزم مع ما ذكرنا اختلاف المحكوم عليه، فَيُسَوَّر في أحدهما بالجزء وفي الآخر بالكل، ولا منافاة بين اشتراط إتحاد المحكوم عليه، واختلاف الكمية، وإن كان المعتبر في أحديهما جميع الأفراد وفي الأخرى بعضها؛ لأن المراد إتحاد الوصف العنواني كما حقق في موضعه، وإنما اشترط اختلاف الكمية لأنه لو لم يشترط لكانتا كليتين أو جزئيتين، والكليتان يجوز كذبهما معا، مثل: كل إنسان كاتب بالفعل، كل إنسان ليس بكاتب بالفعل، وإنما كذبتا لأن الحكم بعرضي خاص ببعض أفراد المحكوم عليه على المحكوم عليه كله، فلثبوت العرضي لبعض أفراد المحكوم عليه لا يصدق سلبه عن كله، ولاختصاصه ببعض أفراده، وانتفائه عن بعض آخر منه لا يصدق إثباته لكله، والجزئيتان يجوز صدقهما