القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الكفار هل هم مخاطبون بالشرعيات]

صفحة 86 - الجزء 1

  (وقيل:) بل هم (مخاطبون) حينئذٍ (بالنواهي) فقط، بمعنى أنها تحرم عليهم المحرمات الشرعية كالزنا وشرب الخمر؛ لإمكان تركهم إياها، (لا الأوامر) لما ذكر.

  (قلنا:) إنهم (مخاطبون بها وبشرطها، وهو الإيمان كخطاب المحدث بالصلاة)، فإنه مأمور بها، وشرطها وهو رفع الحدث قبلها، فكما صح أن يخاطب بالصلاة من لا تصح منه هنا كذلك الكافر، وهي تصح منه، ويمكنه الامتثال بأن يسلم ويفعل كالمحدث، ولا يلزم المحال، إلا لو أمر بأدائها على وجه القربة في حال الكفر.

  (و) لنا أيضاً (قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ٦ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}) [فصلت: ٦ - ٧] فتوعد على عدم إيتائها، (ونحوها) كقوله تعالى {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨}⁣[الفرقان] وهو عام للعقلاء والإشارة إلى ما سبق من الشرك وقتل النفس والزنا؛ لأن جعله إشارة إلى أحدها كالشرك مثلاً عدول عن الظاهر، وفيه دلالة على حرمة الكل، إذ لا معنى لضم غير الحرام إلى الحرام في استحقاق العذاب، وكذا قوله تعالى حكاية عن الكفار {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣}⁣[المدثر] صرح بتعذيبهم على ترك الصلاة؛ لأن في تقرير الحكاية وعدم الإنكار تصديقاً لهم ولا يجوز أن يراد بالمصلين المسلمون كقوله ÷ «نهيت عن قتل المصلين» لفوات المناسبة في قوله {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}⁣[المدثر] إذ هو عبارة عن الزكاة؛ لأنه الإطعام الواجب فيحمل على أن المراد فاعلوا الصلاة ليتجاوب طرفا النظم وهو اللائق بالفصاحة الواجبة رعايتها في القرآن.

  قال سعدالدين: ولأنه إذا كان التعذيب على ترك الإسلام لم تجب عليه الزكاة عندكم، فلا يصح التعذيب على تركها.

  قالوا: لو وقع لوجب القضاء، قلنا: إنما لم يجب لأنه إنما يلزم بأمرٍ جديد.