القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[هل الأمر بالشيء نهيا عن ضده]

صفحة 87 - الجزء 1

  واعلم أن محل الخلاف أنه هل يشترط في التكليف بالفعل حصول شرطه الشرعي أَوْ لا، والمراد شرط صحة الفعل، كالإيمان للطاعات والطهارة للصلاة، لا شرط الوجوب أو وجوب الأداء، للاتفاق على أن حصول الأول شرط في التكليف بوجوبه ووجوب أدائه.

  والثاني شرط في التكليف بوجوب أدائه دون وجوبه وهو في الأوامر ظاهر دون النواهي إذ لا معنى لكون الإيمان شرطاً شرعياً لترك الزنا أو لصحته.

[هل الأمر بالشيء نهياً عن ضده]

  (مسألة: والأمر بالشيء ليس نهياً عن ضده. مالك لا لفظاً ولا معنىً.

  المجبرة بل) هو (نهي عن ضده)، ثم اختلفوا، (فقيل) هو نهي (حقيقةً) فنفس لفظه نهي عن ضده.

  (وقيل: معنى فقط، لنا) أن الأمر (صيغته طلب فعل، والنهي طلب ترك، و) المعلوم أنه (لا يستلزم طلب الفعل كراهة ضده إذ أمر تعالى بالفعل ولم يكره ضده) وهو إن كان للندب فلم يقتض كون ضده مكروها وإلا لزم أن لا يوجد مباح إذ ما من مباح إلا وهو ترك مندوب، وإذا لم يصح ذلك في مجاز الأمر لم يلزم في حقيقته، وقد يفرق بأن الوجه المذكور المانع من كون أمر الندب نهيا عن ضده منتف في أمر الوجوب كما سيأتي، ولذا فرق بينهما في ذلك بعضهم، فكيف يقاس عليه ويجرى فيه حكمه.

  واعلم أن تحقيق مذهب المجبرة، واختلافهم في هذه المسألة على ما ذكره بعض محققيهم⁣(⁣١)، هو أنه لا قائل منهم بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده لا في المعنى؛ لتغاير المفهومين، فإن الأمر مضاف إلى شيء والنهي إلى ضده، ولا في اللفظ؛ لأن


(١) هو عضد الدين مفسراً لكلام ابن الحاجب رحمهما الله. تمت من هامش المخطوطة [أ].