[تصريح الشوكاني والجزري بجواز التوسل]
  أَنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ جَاهٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلةٌ وَجَاهٌ وَحُرْمَة»، إلخ كَلَامِهِ.
  قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ غَرَضُ الْمُجِيزِينَ لِلْتَّوَسُّلِ بِالأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ.
  فَأَصْحَابُ الشَّيْخِ الْمُدَّعُونَ لِمُتَابَعَتِهِ، الْمَانِعُونَ لِذَلِكَ، وَالْمُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَجَازَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، بَلْ قَدْ يَبْلُغُ بِهِم الْحَالُ إِلَى أَنْ يَقُولُوا: هُوَ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ، مُخَالِفُونَ لِمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ÷، وَمُخَالِفُونَ لِكَلَامِ الشَّيْخِ هَذَا، وَيَلْزَمُهُم تَكْفِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ يَتَلَوَّنُ فِي كَلَامِهِ، فَالْعُمْدَةُ الدَّلِيل، وَاللَّهُ الهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيل(١).
  وَعَلَى الْجُمْلَةِ: التَّوَسُّلُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَشْرُوعٌ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ إِلَّا مُؤَلِّفُ هَذِهِ وَأَضْرَابُهُ، الَّذِينَ حَذَا حَذْوَهُم صَاحِبُ الرِّسَالَةِ؛ فَإِنَّ غَالِبَهَا مَنْقُولٌ مِنْ رِسَالَتِهِمْ بِاللَّفْظِ.
[تصريح الشوكاني والجَزَرِي بجواز التوسل]
  قَالَ القَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي (تُحْفَةِ الذَّاكِرِين شَرْحِ عِدَّةِ الْحِصْنِ الْحَصِين) (صفحة/٣٦)(٢)، بَعْدَ أَنْ رَوَى خَبَرَ الأَعْمَى وَذَكَرَ مَنْ صَحَّحَهُ:
  «فَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثَ هَؤَلَاءِ الأَئِمَّةُ ... ، وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِرَسُولِ اللَّهِ ÷ إِلَى اللَّهِ ø مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ»، إِلخ كَلَامِهِ.
  وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُ مُؤَلِّفِ (عِدَّةِ الْحِصْنِ الْحَصِين) الْجَزَرِيِّ فِي (صفحة - ٣٧):
  «وَيُتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَنْبِيَائِهِ وَالصَّالِحِينَ.
(١) وقال أيضًا كما في (كتاب التوسل والوسيلة) المطبوع ضمن (مجموع الفتاوى) (١/ ١٨٨)، ط: (دار الوفا): «هَذَا الدُّعَاءُ [وفيه: اللَّهُمَّ إنِّي أَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ÷] وَنَحْوُهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ دَعَا بِهِ السَّلَفُ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي مَنْسَكِ المروذي التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ ÷ فِي الدُّعَاءِ ...». قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة البحث في تصريح أحمدَ بنِ حنبلٍ بجواز التوسل.
(٢) وهو في (تحفة الذاكرين) للشوكاني (شرح عدة الحصن الحصين) للجزري (ص/١٨٠)، ط: (مؤسسة الكتب الثقافية).