مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(17) - الكلام على قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٣٩}:

صفحة 617 - الجزء 1

(١٧) - الكلام على قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٣٩}:

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (ص/٣٤٧): «{لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ}، وَالْمَعْنَى: أُقْسِمُ بِإِغْوَائِكَ إِيَّايَ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمُ الْمَعَاصِيَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ دَارُ الغُرُورِ، كَقَوْلِهِ: {أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ}⁣[الأعراف: ١٧٦].

  وَفِي انْعِقَادِ الْقَسَمِ بِأَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى خِلَافٌ. وَقِيلَ: لِلْسَّبَبِيَّةِ.

  وَالْمُعْتَزِلَةُ أَوَّلُوا الإِغْوَاءَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْغَيِّ، أَو التَّسَبُّبِ لَهُ بِأَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ #، أَوْ بِالإِضْلَالِ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ.

  وَاعْتَذَرُوا عَنْ إِمْهَالِ اللَّهِ لَهُ - وَهْوَ سَبَبٌ لِزِيَادَةِ غَيِّهِ -، وَتَسْلِيطِهِ لَهُ عَلَى إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ مِنْهُ وَمِمِّنْ يَتْبَعُهُ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ عَلَى الْكُفْرِ، وَيَصِيرُونَ إِلَى النَّارِ أَمْهَلَ أَوْ لَمْ يُمْهِلْ، وَأَنَّ فِي إِمْهَالِهِ تَعْرِيضًا بِمَنْ خَالَفَهُ لاِسْتِحْقَاقِ مَزِيدِ الثَّوَابِ، وَضَعْفُ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الأَلْبَابِ».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: بَل الضَّعِيفُ البَاطِلُ السَّخِيفُ نِسْبَةُ الإِغْوَاءِ حَقِيقَةً إِلَى أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَجَعْلُ إِرَادَتِهِ تَعَالَى وَإِرَادَةِ إِبْلِيسَ مُتَوَافِقَةً.

  وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَغْوَاهُ حَقِيقَةً لَمَا اسْتَحَقَّ لَعْنَهُ وَطَرْدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ.

  وَلَوْ كَانَ الإِغْوَاءُ وَالْفَسَادُ وَالظُّلْمُ وَالإِلْحَادُ مِنْهُ ø لَمَا كَانَ لإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ ثَمَرَةٌ وَلَا مَعْنًى.

  (١٨) [بحث في كسب الأشعري]

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى في (ص/٣٦٤): «{۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ}⁣[النحل: ٩٠]، بِالتَّوَسُّطِ فِي الأُمُورِ اعْتِقَادًا كَالتَّوْحِيدِ، الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ التَّعْطِيلِ وَالتَّشْرِيكِ، وَالْقَوْلِ بِالْكَسْبِ، الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ مَحْضِ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: الْقَوْلُ بِالْكَسْبِ لَيْسَ