مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(23) - الكلام على قوله تعالى: {وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ٩٦}:

صفحة 623 - الجزء 1

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: كَيْفَ يُكْرَهُ مَا ثَبَتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ}⁣[الأحزاب: ٤٣]، {وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ}⁣[التوبة: ١٠٣]، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ بِكَثْرَةٍ.

  وَمَا أَوْجَبَ هَذَا التَّمَحُّلَ البَاطِل إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْمَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ للَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ ÷ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ تَبَعًا وَاسْتِقْلَالًا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْهُمْ فَتَشَبَّثُوا فِي الْمَنْعِ بِمِثْلِ هَذِهِ الشُّبَهِ الَّتِي هِيَ أَوْهَنُ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، فَيُقَالُ: كَيْفَ يُصَيِّرُ الْعُرْفُ - الَّذِي اخْتُصِصْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ - مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ ÷ مَكْرُوهًا، أَوْ مَحْظُورًا.

  أَيُنْسَخُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ بِعُرْفِ أَهْلِ الاِنْحِرَافِ وَالتَّحْرِيفِ؟!.

  وَكَيْفَ تَقِيسُونَ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ؟

  فَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرْتَهُ وَهْوَ (ø) لَمْ يُطْلَقْ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ ø فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.

  لِهَوَى النُّفُوسِ سَرِيرَةٌ لَا تُعْلَمُ

  هَذَا، وَقَدْ تَمَحَّلَ بَعْضُهُمْ إِلَى مَنْعِ الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ البَيْتِ اسْتِقْلَالًا بِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ شِعَارًا لِلْرَّوَافِضِ، فَيُقَالُ لَهُ: وَالْمَنْعُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ صَارَ شِعَارًا لِلْنَّوَاصِبِ، فَلِمَاذَا تَفِرُّونَ - عَلَى زَعْمِكُمْ - مِنْ شِعَارٍ مَذْمُومٍ إِلَى شِعَارٍ مَذْمُومٍ؟

  وَلِمَاذَا تَتْرُكُونَ الْعَمَلَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لأَجْلِ مَا تَزْعُمُونَهُ مِنَ الشِّعَارِ؟ {فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ٤٦}، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأَمُورُ.

(٢٣) الكلام على قوله تعالى: {وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ٩٦}:

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (ص/٥٩٤): «{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات: ٩٦]، أَيْ: وَمَا تَعْمَلُونَهُ؛ فَإِنَّ جَوْهَرَهَا بِخَلْقِهِ، وَشَكْلَهَا - وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِمْ، وَلِذَلِكَ جُعِلَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ - فَبِإِقْدَارِهِ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَخَلْقِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فِعْلُهُمْ مِنَ الدَّوَاعِي وَالْعُدَدِ.