مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[بيان عظم التكليف بطاعة من أمر الله تعالى بطاعته، وكونهم آل الرسول ÷ في هذه الأمة]

صفحة 161 - الجزء 1

  {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا ٦٣}⁣[الفرقان]، {وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا ٧٢}⁣[الفرقان].

  ونقول له من باب إبلاغ الحجة، وإزالة الشبهة ما قاله سَيِّد الوصيين ~:

  (إِنَّهُ لَمَلْبُوسٌ عَلَيْكَ؛ إِنَّ الْحَقَّ لا يُعْرَفُ بِالرِّجَالِ، وَلَكِنَّ الرِّجَالَ يُعْرَفُونَ بِالحَقِّ، فَاعْرِفِ الحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ).

[بيان عظم التكليف بطاعة مَن أَمَرَ الله تعالى بطاعته، وكونهم آل الرسول ÷ في هذه الأمة]

  واعلم أَنَّ مِن أَعْظَمِ مَا كَلَّفَ اللَّهُ تعالى به الخلق، ودَعَاهم به إلى سَبِيلِ نجاتِهِم، ودَلَّهُم عَلَى نَهْجِ سلامتهم: إخلاصَ الطاعةِ لأَهْلِ بيتِ رسولِهِ، وإصداقَ الولايةِ لورثتِهِ وعِتْرَتِهِ في مُحْكَمِ قولِهِ حتى قَرَنَهُم بكتابِهِ، وجعلهم من كل الورى أدرى به، الْمُطَهَّرِينَ عن الرجس، المشهود لعصمتهم وحجِّيَّتِهِم بآية التطهير، والمودَّة، وأخبار الكساء، وأحاديث التَّمَسُّك، وخبري السفينة، وغيرها مما طفحت به الأَسفار، ووضحت به الحجَّةُ لذوي الأبصار.

  فلا حاجة بنا هنا إلى سرد الدلائل القطعية، والحجج المنيرة الجليَّة من الكتاب العزيز، والسنَّة النبوية عَلَى وجوب التَّمَسُّكِ بآل محمدٍ ~ وآله، والكونِ معهم، ومودَّتِهِم، وتقديْمِهِم عَلَى الكافة، وأَنَّه لا يَفْضُلُهُمْ أَحَدٌ من الخلائق غيره ÷، وأَنَّهُم ورثةُ الكتاب، وحُجَجُ اللَّهِ تعالى عَلَى ذوي الألباب، {وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ}⁣[القصص ٦٨]، وكونِهِم عِتْرَةَ الرسول، خُلِقوا من لحمه ودمه، وأوتوا عِلْمَه وفَهْمه، والمدعو لهم بجعل العِلْمِ والحِكْمة في زَرْعِهِ وَزَرْعِ زَرْعِه، وعَقِبِهِ وَعَقِبِ عَقِبِه، فلا نجاةَ إلَّا بتسليم الأَمْرِ لله، والنزول عند حُكْمِه، {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ}⁣[الأحزاب: ٣٦].

  وقد وَصَفَ اللَّهُ تعالى الحاكمين بغير ما أنزل اللَّهُ بالظالمين والفاسقين