مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(2) - [حكم تأخير البيان عن وقت الخطاب، والنسخ قبل الفعل]

صفحة 605 - الجزء 1

  فَأَيُّ مَعْنًى لِلاِحْتِجَاجِ بِمَا يُفِيدُ - إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ - لِلْرُّؤْيَةِ الْمُجْمَعِ عَلَى نَفْيِهَا، فَتَدَبَّرْ تُبْصِرْ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.

  كَتَبَهُ الْمُفْتَقِرُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ: مَجْدالدِّين بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُؤَيَّدِيُّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ.

(٢) [حكم تَأخير البيان عن وقت الخطاب، والنسخ قبل الفعل]

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (ص/١٤) فِي الْكَلاَمِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ ٦٨}⁣[البقرة]:

  «{بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ} أَيْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ مِنَ الفَارِضِ وَالْبِكْرِ، وَلِذَلِكَ أُضِيفَ إِلَيْهِ بَيْنَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَّا إِلَى مُتَعَدِّدٍ.

  وَعَوْدُ هَذِهِ الْكِنَايَاتِ وَإِجْرَاءُ تِلْكَ الصِّفَاتِ عَلَى بَقَرَةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُعَيَّنَةٌ.

  وَيَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #:

  لَا مَانِعَ؛ إِنَّمَا الْمَمْنُوعُ: تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَهْوَ قَبِيحٌ، كَمَا قُرِّرَ فِي الأُصُولِ.

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ: «وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا بَقَرَةً مِنْ شِقِّ البَقَرِ غَيْرِ مَخْصُوصَةٍ، ثَمَّ انْقَلَبَتْ مَخْصُوصَةً بِسُؤَالِهِمْ. وَيَلْزَمُهُ النَّسْخُ قَبْلَ الفِعْلِ ...».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين المؤيدي #: النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ جَائِزٌ؛ إِنَّمَا الْمَمْنُوعُ: النَّسْخُ قَبْلِ إِمْكَانِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَحَدُ بَاطِلَيْنِ: إِمَّا البَدَا، وَإِمَّا الْعَبَثُ، وَاللَّهُ يَتَعَالَى عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ البَدَا يَدُلُّ عَلَى الْجَهْلِ، وَالْعَبَثَ قَبِيحٌ، وَهُمَا لَا يَجُوزَانِ عَلَى الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، وَالْكَلَامُ مُسْتَوْفَى فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.