[التفرق المحرم في الدين]
مع الجلال في فيض الشعاع
[التفرّق المحرّم في الدين]
  وَفِي (صفح - ٤) مِنْ (فَيْضِ الشُّعَاع) لِلْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْجَلَال(١).
  قَوْلُهُ: «وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى حُرْمَةِ التَّفَرُّقِ فِي الدِّينِ».
  قُلْتُ: يُقَالُ: التَّفَرُّقُ الْمُحَرَّمُ فِي الدِّينِ هُوَ: التَّفَرُّقُ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَهْوَ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهَ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الشَّرَائِعُ الإِلَهِيَّةُ، وَالْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ، وَهْوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدْلُهُ وَالإِيمَانُ بِهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ.
  وَأَمَّا فِي فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَمَسَائِلِ الاجْتِهَادِ الظَّنِّيَّةِ، فَلَا حُرْمَةَ وَلَا إِجْمَاعَ وَلَا فُرْقَةَ فِي الدِّينِ، وَالأُمَّةُ مُجْمِعَةٌ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ إِلَّا إِبْلاَغُ الْجَهْدِ فِي النَّظَرِ.
  وَالأُمَّةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّأْثِيمِ فِي الاخْتِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ النَّظَرِيَّةِ، وَإِنَّمَا الاخْتِلَافُ فِي: أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، أَوْ: أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَالْمُخَالِفَ لَهُ مَعْذُورٌ.
  إِذَا حَقَّقْتَ هَذَا اتَّضَحَ لَكَ البُطْلَانُ وَالاِخْتِلَال، لِمَا قَعْقَعَ بِهِ وَلَفَّقَهُ الْمُحَقِّقُ العَلَّامَةُ الْحَسَنُ الْجَلَال.
  وَقَوْلُهُ أَيْضًا: «لَزِمَ حُرْمَةُ كُلِّ مَا أَوْصَلَ إِلَيْهَا». إِلَى آخِرِهِ.
  قُلْتُ: يُقَالُ: هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَلَمْ يُحَرَّمِ النِّدَا الْمُوصِلُ إِلَى اسْتِهْزَاءِ الْكُفَّارِ الْمُحَرَّمُ قَطْعًا، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ}[المائدة: ٥٨] الآيَةَ، وَلَمْ تُحَرَّمْ تِلَاوَةُ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الَّذِينَ يَزْدَادُونَ بِهَا كُفْرًا.
  وَلَمْ يُحَرَّمِ الدُّعَاءُ لِمَنْ يُوَلِّي بِسَبَبِهِ مُسْتَكْبِرًا، وَلَمْ يُحَرَّمْ إِنْزَالُ الآيَاتِ الَّتِي
(١) وهو (الرسالة الرابعة) المطبوعة في (مجموعة الرسائل اليمنية).