[المقدمة]
[المقدمة]
  
  {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ}، وبعد.
  فَإِنَّهُ وَرَدَ سُؤَالٌ كَرِيمٌ، أَوْرَدَهُ بَعْضُ الإِخْوَانِ الأَكْرَمِينَ - كَثَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَدَهُمْ، وَيَسَّرَ مَدَدَهُمْ(١) -، وَطَلَبَ بَيَانَ مَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، وَإِيضَاحَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ.
  وَقَد اكْتَفَيْنَا بِرَسْمِ الجَوَابِ، فَمِنْهُ يَتَّضِحُ السُّؤَالُ، وَيَنْحَلُّ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - الإِشْكَالُ، وَهْوَ هَذَا.
  وَأَرْجُو اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَ بِهِ، وَيَجْعَلَهُ مِنَ الأَعْمَالِ الْمَقْبُولَةِ، وَالآثَارِ الْمَكْتُوبَةِ؛ إِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ.
  الْجَوَابُ، واللهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ إِلَى أَقْوَمِ طَرِيقٍ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي أَوْرَدْتَ جَلِيلَةُ الْخَطَرِ، عَظِيمَةُ الْمَوْقِعِ وَالأَثَرِ، مِنْ أَجَلِّ مَعَالِمِ الأُصُولِ، وَأَعْظَمِ مَسَالِكِ الْمَنْقُولِ، الَّتِي يَجِبُ فِيهَا إِمْعَانُ النَّظَرِ، وَقَدْ كَثُرَ فِيهَا الْخِلَافُ، وقَلَّ عِنْدَهَا الاِئْتِلَافُ.
  وَعَلَى البَاحِثِ لِدِينِهِ، الْجَاهِدِ فِي تَحْصِيلِهِ وَتَحْصِينِهِ، أَنْ يَعْدِلَ إِلَى جَانِبِ الدَّلِيلِ، وَلَا يَمِيلَ مَعَ القَالِ وَالقِيلِ، وَلَا تُفْزِعَهُ التَّهَاوِيلُ، وَلَا تَرُوعَهُ الأَقَاوِيلُ، فَالْحَقُّ وَأَهْلُهُ قَلِيلٌ وَأَيُّ قَلِيل؟!.
[الخلاف في الكفر والفسق وهل هو سلب أهلية أو مظنة تهمة، واختيار المؤلف الإمام]
  إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَاعْلَمْ - وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ - أَنَّ عُلَمَاءَ الأُصُولِ فِي مَسْأَلَةِ العَدَالَةِ، وَاعْتِبَارِ سَلْبِ الأَهْلِيَّةِ أَوْ مَظَنَّةِ التُّهْمَةِ(٢) بَيْنَ قَائِلَيْنِ، كَمَا بُيِّنَ فِي مَوَاضِعِهِ(٣).
(١) «الْمَدَدُ - بِفَتْحَتَيْنِ -: الْجَيْشُ، وَأَمْدَدْتُهُ بِمَدَدٍ: أَعَنْتُهُ وَقَوَّيْتُهُ بِهِ». تمت من (المصباح).
(٢) «التُّهْمَةُ - بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا -: الشَّكُّ وَالرِّيبَةُ، وَأَصْلُهَا الْوَاوُ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَهْم». من (المصباح).
(٣) انظر: الفصول اللؤلؤية (ص/٢٩٢)، شرح الغاية (٢/ ٧١).