[بحث في العموم، وتقسيمه]
  وَقَوْلُهُ ÷ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ يَضْرِبُهُ أَشْقَى الآخِرِينَ(١).
  وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحَاطُ بِهِ كَثْرَةً(٢).
[بحث في العموم، وتقسيمه]
  وَيَظْهَرُ أَنَّ السَّائِلَ تَوَهَّمَ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: (عِلْم مَا يَكُونُ)، عِلْم الغَيْبِ عَلَى العُمُومِ حَقِيقَةً، وَهْوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ لَفْظَ العَامِّ قَدْ لَا يُرَادُ بِهِ جَمِيعُ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَلَا يَكُونُ شَامِلًا(٣).
  وَقَدْ قَسَّمَ أَهْلُ العَرَبِيَّةِ العُمُومَ إِلَى: حَقِيقِيٍّ وَعُرْفِيٍّ(٤)، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ}[النمل: ٢٣]، وَ {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيۡءِۭ}[الأحقاف: ٢٥].
  وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ العُمُومَ حَقِيقَةً؛ لِقِيَامِ القَرِينَةِ العَقْلِيَّةِ.
  وَهَذَا كَذَلِكَ، الْمُرَادُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحْدَاثِ وَالْفِتَنِ وَنَحْوِهَا، وَمَا يُحْتَاجُ إِلَى العِلْمِ بِهِ مِمَّا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ اطْلَاعَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ عَلَيْهِ.
  وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ مُطَابِقًا لِلْفَظِ الَّذِي رُوينَاهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ ¥: «أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ÷ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ(٥).
  وَقَالَ حُذَيْفَةُ أَيْضًا: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ÷ مَقَامًا فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَة إِلَّا حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ»،
(١) انظر البحث المستوفى في (الفصل التاسع) من (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # (ط ١/ ٢/٥٨٠)، (ط ٢/ ٢/٦٤٤)، (ط ٣/ ٢/٧٨٢).
(٢) كإخباره ÷ بالخوارج، وقتال أمير المؤمنين علي # لهم، وبقتله # لذي الثُّدَيَّة، وكإخباره بقتل ابنه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب $، وما يلاقيه أهل البيت $ من بعده من قتل وتشريد، وغير ذلك.
(٣) انظر: شرح الغاية (٢/ ٢٦٢).
(٤) العموم الحقيقي: نحو قوله تعالى: {عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ}، أي كل غائب وشاهد.
ونحو قوله سبحانه: {إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢}، أي كل إنسانٍ، بدليل الاستثناء بعده.
والعُرْفِي: نحو: جمع الأميرُ الصَّاغَةَ، فإن المرادَ صاغةُ بلده أو مملكته لا صاغة الدنيا.
(٥) صحيح مسلم برقم (٧٢٦٥)، ورقم (٧٢٦٦)، ط: (المكتبة العصرية).