[ادعاء ابن الأمير بأنه لا بد من الجمع في هذه المسائل، والجواب عليه]
  وكم آياتٍ تُتْلَى، وأحاديثَ تُمْلَى، والكلامُ عَلَى هذا مبسوطٌ في مواضعه.
  وَلَيْسَ يَصِحُّ في الأَذْهَانِ شَيءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلى دَلِيلِ(١)
  فَتَثَبَّتْ أيُّهَا النَّاظِر:
  لَا يَسْتَزِلُّكَ أَقْوَامٌ بِأَقْوَالِ ... مُلَفَّقَاتٍ حَرِيَّاتٍ بِإِبْطَالِ(٢)
  وفقنا اللَّهُ تعالى وإياكَ في القول والعَمَل، وعَصَمَنَا عن الزيغِ والزَّلَل. آمين.
[ادِّعاء ابن الأمير بأنَّه لا بدّ من الجمع في هذه المسائل، والجواب عليه]
  وقوله: «فلا بُدَّ من الجَمْعِ ...» إلخ.
  الجواب: قد وَضَحَ - فيما أَسْلَفْنَا - المرادُ بقولِهِ: {إِنَّ ٱلۡخِزۡيَ ٱلۡيَوۡمَ وَٱلسُّوٓءَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٧}[النحل]، فلا تنافي بين مفهومه وبين منطوقِ قولِهِ تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ}[آل عمران ١٩٢].
  · وأَمَّا الجمعُ بين مُفْتَعَلِ الرواياتِ وبين الآياتِ فغيرُ لازم، بل لا يمكنُ الجمعُ بين الحقِّ والباطل، ولئن تُصُوِّرَ الجمعُ بين هذه الآية والرواية(٣) لَمَا أَمْكَنَ بينها وبين ما لا يُحْصَى كثرةً كتابًا وسنَّة. اتَّسَعَ الْخُرْقُ عَلَى الرَّاقِع.
  وقد طَوَّلَ الأميرُ في هذا البحث بما لا طائل تحته، واعتماده عَلَى صِحَّةِ مَا رووه من خروجِ أهلِ النار، وقد عرفتَ بُطلانَه؛ لمصادَمَتِهِ الآياتِ والرواياتِ، وإجماعَ قُرَنَاءِ القرآن، وأُمَنَاءِ الرحمن.
  · وجَعْلُهُ الأعمالَ شَرْطًا في كَمَالِ الإيمانِ فقط خلافُ ما صَرَّحَت به الآياتُ كما تَرَى.
(١) لأبي الطيب المتنبي كما في ديوانه (٢/ ١١٧) (شرح البرقوقي)، وفيه: (الأفهام) بدل (الأذهان).
(٢) للإمام الواثق بالله (ع)، وتجد بعضها في (الفصل السادس) من (لوامع الأنوار) للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # (ط ١/ ٢/٦٣)، (ط ٢/ ٢/٧٦)، (ط ٣/ ٢/٧٧).
(٣) قوله تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ} مع الأحاديث التي يستدلون بها على دخول بعض المؤمنين النار.