مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[حديث التمسك بالثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي]

صفحة 198 - الجزء 1

  

  {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ}، القَائلِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِين: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥}⁣[النحل]، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ، الَّذِي أَرْسَلَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَعَلَى عِتْرَتِهِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِين أَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهَّرَهُم تَطْهِيرًا، وَأَبَانَهُمُ الرَّسُولُ ÷ بِأَخْبَارِ الكِسَاءِ الْمَعْلُومَةِ، الَّتِي رَوَتْهَا طَوَائِفُ الأُمَّة، وَجَعَلَ مَوَدَّتَهُمْ أَجْرَ رِسَالَتِهِ، وَأَنْزَلَ فِي ذَلِكَ قُرْآنًا يُتْلَى، فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ}⁣[الشورى: ٢٣].

[حديث التمسك بالثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي⁣(⁣١)]

  وَخَلَّفَهُمْ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أُمَّتِه حَيْثُ قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا مِنْ بَعْدِي أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».

  وَهْوَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ: مُتَوِاتِرٌ، وَمَرْوِيٌّ فِي كُتُبِ الإِسْلَامِ عَنْ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا، مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ #(⁣٢)، وَأَبُو ذَرٍّ، وَجَابِرٌ، وَحُذَيْفَةُ،


(١) قد استوفى البحث في المخرّجين لأخبار الثقلين والتمسّك بما لا مزيد عليه مولانا الإمام الحجّة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه لوامع الأنوار ج ١/ ٨٣/ط ٢ وما بعدها، ج ١/ ١٠٠ وما بعدها/ط ٣، فراجعه هناك موفّقاً ..

(٢) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (المطالب العالية): «وَقَالَ إِسْحَاقُ: أخبرنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ [عُمَرَ] بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ ¥ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ÷ حَضَرَ الشَّجَرَةَ بِخُمٍّ، ثُمَّ خَرَجَ آخِذًا بِيَدِ عَلِيٍّ ¥ قَالَ: «أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَبُّكُمْ؟». قَالُوا: بَلَى. قَالَ ÷: «أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ أَوْلِيَاؤُكُمْ؟». فَقَالُوا: بَلَى. قَالَ: «فَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كتاب الله تعالى، سَبَبُهُ بيدي، وَسَبَبُهُ بِأَيْدِيكُمْ، وَأَهْلُ بَيْتِي»». قال ابن حجر: «هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ». وقال البوصيري في (الاتحاف) (٩/ ٢٧٩)، رقم (٨٩٧٤): «رَوَاهُ إِسْحَاقُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ». ورواه ابن جرير الطبري وصَحَّحه، كما ذكره الهندي في (كنز العُمَّال) (١/ ٣٧٩) رقم (١٦٥٠) ط: (الرسالة). وقال الشريف السمهودي في (جواهر العقدين) (ص/٢٣٨)، عن سَنَدِه: «سَنَدٌ جَيِّدٌ». وانظر: (الاستجلاب) للسخاوي (ص/٧١)، وقوَّى الألبانيُّ في (السلسلة الصحيحة) إسنادَه، ووثَّق رجالَه.