مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[كيفية العمل لما خالف من الآحاد هذه الحجج الرصينة]

صفحة 104 - الجزء 1

  وأَمَّا إِجْمَاعُ الأُمَّةِ فالْمَدَارُ عَلَى الْعِتْرَةِ عَلَى التحقيق، ولذا قال قائلُهُم⁣(⁣١):

  إِجْمَاعُنَا حُجَّةُ الإِجْمَاعِ وَهْوَ لَهُ ... أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَى مَا الْكُتْبُ تُنْبِيه

[كيفية العمل لِمَا خالف من الآحاد هذه الحجج الرصينة]

  هذا، فَمَا خَالَفَ مِن الآحادِ المعلومَ مِنْ هذه الحُجَجِ الرَّصِينَة، والأَدِلَّةِ الراسخةِ المتينة، ولم يُمْكِنْ تأويلُهُ فهو مَردودٌ عَلَى قائِلِهِ، مَضروبٌ به وَجْه ناقلِه، موسومُ بالوَضْع، مطرودٌ عن مَقَاعِدِ السَّمْع.

  ولهذا رَدَّ آلُ مُحَمَّدٍ $ الأحاديثَ المحشوةَ القاضيةَ بالتشبيهِ والجبرِ والإِرْجَاء.

  وإنما قَيَّدنا ذلك (بالآحاد)؛ لأنَّ القواطعَ لا تَعَارُضَ فيها ولا تَنَاقُضَ؛ لأنَّ الحكيمَ العليمَ لا يُنَاقِضُ حُجَجَهُ؛ لأنَّ الْمُنَاقَضَةَ خِلافُ الحكمةِ، وصِفَةُ نَقْصٍ، واللَّهُ يَتَعَالَى عنها، {وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا ٨٢}⁣[النساء: ٨٢]، {لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ}⁣[فصلت: ٤٢]، {فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ}⁣[يونس ٣٢].

  وَأَمَّا مَا أَمْكَنَ فيه التأويل، والردُّ بغير تَعَسُّفٍ إلى الدليل، فالصحيحُ: قَبولُهُ، كما قُرِّرَ ذلك في الأصول.

  هذا مع تَكَامُلِ شروطِ الروايةِ من الضبطِ والعدالة.

  ولولا التأويلُ لَمَا استقام دليل، ولهذا مَدَحَ اللَّهُ تعالى أَهْلَهُ بالرسوخ، وقال تعالى: {وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ}⁣[النساء: ٨٣].

  وقال رسولُ اللَّهِ ÷ - فيما رواه الإمامُ زيدُ بْنُ عليٍّ عن آبائه، عن عليٍّ $ -⁣(⁣٢): «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغَالِينَ،


(١) الإمام الكبير شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى $ في قصيدته (قَصص الحق).

(٢) مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي @ (ص/٣٨٣).