فتاوى وبحوث فقهية
  إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَمْلِ ضَرَرٌ، جَمْعًا بَيْنَ الأَخْبَارِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْصَّوَاب، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآب.
  تَمَّتْ إِمْلَاء الإمام الحجّة مَجْدالدِّين بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُؤَيَّدِيِّ #.
  *******
(بحث في الشركة العرفية)
  
  وَبَعْدُ، فَالشُّرْكَةُ الْعُرْفِيَّةُ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِكِينَ فِيمَا كَسَبُوهُ بِالسَّعْيِ، وَلَا يُفَضَّلُ أَحَدٌ مِنَ السُّعَاةِ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ عَمَلِهِ أَوْ تَعَبِهِ أَوْ حَظِّهِ؛ لأَنَّ دُخُولَهُ فِي هَذِهِ الشُّرْكَةِ - الَّتِي الْعُرْفُ الْجَارِي فِيهَا الْمُسَاوَاةُ - رِضًا مِنْهُ بِالاِسْتِوَاءِ، فَهْوَ كَالْعَقْدِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ}[المائدة: ١]؛ وَلأَنَّهُ يُتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الزِّيَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ.
  وَلَا مُوجِبَ لِلْتَّقْدِيرِ مَعَ رِضَاهُمْ بِالْمُشَارَكَةِ، الَّتِي مُقْتَضَاهَا الْمُسَاوَاةُ عُرْفًا.
  وَالْعَدْلُ الَّذِي يُظَنُّ فِي التَّفْضِيلِ - لِمَنْ يُقَدَّرُ أَنَّ لَهُ زِيَادَةً فِي الْكَسْبِ - مُعَارَضٌ بِالْجَوْرِ الْمُحَقَّقِ عَلَى إِخْوَانِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ، الَّذِينَ قَد اسْتَحَقُّوا الْمُشَارَكَةَ فِي الْجَمِيعِ بِمُقْتَضَى الشُّرْكَةِ.
  وَلِأَنَّ فَتْحَ بَابِ الْمُفَاضَلَةِ يُؤَدِّي إِلَى الْمُشَاجَرَةِ وَالْمُنَازَعَةِ بِلَا رَيْبٍ.
  وَلَوْ كَانَ مَبْنَى هَذِهِ الشُّرْكَةِ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَتْ مَمْنُوعَةً شَرْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ، الَّتِي قَدْ مَنَعَ الشَّرْعُ الْمُعَامَلَةَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى ذَلِكَ.
  وَلِأَنَّ الرَّسُولَ ÷ قَدْ مَنَعَ التَّفْضِيلَ لِمَنْ لَهُ عَمَلٌ فِي الْكَسْبِ، وَزِيَادَةٌ ظَاهِرَةٌ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى السُّوقِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ أَيْضًا الْمُوَاظِبَ عَلَى الْمَسْجِدِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَخَاهُ إِنَّمَا رُزِقَ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى الْمَسْجِدِ، بَل اعْتَبَرَ الشُّرْكَةَ، فَسَاوَى بَيْنَهُمَا.
  وَلَا وَجْهَ لِدَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا لَأَوْضَحَهُ؛ إِذْ هُوَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ، كَمَا أَوْضَحَ ÷ الْخُصُوصِيَّةَ لِلْمُضَحِّي.