[الكلام على حديث «يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام»]
  كُلُّ أَفْعَالِنَا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلُبْسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَدْخُلُ كُلُّ الاسْتِعْمَالَاتِ إِلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ.
  وَمِنْهُم: مَنْ يُقَدِّرُ الْمُتَعَارَفَ الْمَفْهُومَ(١)، فَيَقُولُ فِي مِثْلِ: {حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ}[المائدة ٣]، الْمُرَادُ: الأَكْلُ، وَ {حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ ...}[النساء ٢٣]، الْمُرَادُ: النِّكَاحُ، وَهَكَذَا.
  وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مُجْمَلٌ؛ إِذ الضَّرُورَةُ لَا تُوجِبُ إِلَّا مُقَدَّرًا وَاحِدًا، وَلَا مُخَصِّصَ.
  فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَلَا شُؤْمَ وَلَا تَبْدِيلَ، وَلَا تَحْرِيفَ وَلَا تَغْيِيرَ، وَالوَاجِبُ حَمْلُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّلَامَةِ.
  وَلَا حَرَجَ فِي إِبْدَاءِ الرَّأْيِ مِنْ دُونِ إِزْرَاءٍ وَلَا تَبْدِيعٍ، وَلَا تَضْلِيلٍ لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَنُسْبَةِ أَشْيَاءَ إِلَيْهِم هُمْ عَنْهَا برَأَئ.
  وَمِنَ الْعَجَبِ قَوْلُهُ: «فَإِنَّهُ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَط».
  مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ غَيْرُ ذَلِكَ، كَالْخَبَرِ الَّذِي سَبَقَتِ الإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَكَخَبَرِ تَحْرِيمِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، مَعَ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ نَفْسِهِ الَّذِي رَوَاهُ حُذَيْفَةُ: «فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»، يُؤْخَذُ مِنْهُ العُمُومُ؛ إِذْ قَدْ قُصِرَ حِلُّهَا لَنَا فِي الآخِرَةِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْنَا فِي الدُّنْيَا، وَالتَّحْرِيمُ يَحْتَاجُ إِلَى مُقَدَّرٍ.
[الكلام على حديث «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلاَمِ»]
  (٢) وَمِنْ (صفح - ٥٣) [الجزءِ الأَوَّلِ]، مِنْ (سُبُلِ السَّلَامِ)، (طبع مصر - سنة ١٣٥٧ هـ) فِي شَرْحِ حَدِيثِ: «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ»(٢)، قَوْلُهُ: «وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
(١) وهو اختيار الإمام الحجّة/ مجدالدين المؤيدي #، وهو مذكور في (الاختيارات المؤيدية).
(٢) رواه أبو داود (١/ ١٠٢) برقم (٣٧٦)، والنسائيُّ في (الكبرى) (١/ ١٢٩) رقم (٢٩٣)، وابنُ ماجه برقم (٥٢٧)، والحاكمُ (١/ ٢٧١)، برقم (٥٨٩) وصححه هو والذهبي، والبيهقيُّ في (الكبرى) (٢/ ٤١٥) وغيرُهُم عن أبي السَّمْحِ خادمِ رسول الله ÷.