فتاوى وبحوث فقهية
  وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَاضِيَةٌ إِنَّ مَا أَعْطَاهُ بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ حَلَالٌ وَجَائِزٌ أَخْذُهُ.
  وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ دُخُولَهُ فِيهَا كَالْعَقْدِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالإِيفَاءِ بِالْعُقُودِ.
  فَهَذَا الَّذِي تَطْمَئِنُّ لَهُ النَّفْسُ، وَيَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلْصَّوَاب، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآب.
  حُرِّرَ (شَهْر القَعدة الحرام/سنةَ ١٤١١ هـ)، عَلَى عَجَلٍ وَشُغْلٍ، وَالسَّلَامُ.
  *******
(المراد بافتراق البيعين)
  الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبَعْدُ.
  فَالَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالافْتِرَاقِ فِي قَوْلِهِ ÷: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ فِيمَا تَبَايَعَا حَتَّى يَفْتَرِقَا عَنْ رِضَا» - هَكَذَا رِوَايَةُ الإِمَامِ الأَعْظَمِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ $، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَالأَخْبَارُ فِي هَذَا البَابِ مُتَوَاتِرَةٌ - افْتِرَاقُ الأَبْدَانِ، كَمَا رَوَاهُ فِي (البَحْرِ)(١) وَغَيْرِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَيْنِ العَابِدِينَ، وَالبَاقِرِ، وَالصَّادِقِ، وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، وَالنَّاصِرِ، وَالإِمَامِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ $.
  أَوَّلًا: أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ ÷: «الْبَيِّعَانِ»، فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ الاِسْمُ حَقِيقَةً إِلَّا بَعْدَ الإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا مُوجِبَ لِارْتِكَابِ الْمَجَازِ.
  لَا يُقَالُ: وَتَسْمِيَتُهُمَا بَعْدَ تَقَضِّي الْفِعْلِ مِنْهُمَا مَجَازٌ.
  لِأَنَّا نَقُولُ: لَا سَوَاء؛ فَإِنَّ اشْتِقَاقَ اسْمِ الفَاعِلِ لِمَنْ سَيَفْعَلُ أَبْعَدُ مِن اشْتِقَاقِهِ لِمَنْ قَدْ فَعَلَ.
  ثَانِيًا: أَنَّ الفُرْقَةَ بِالأَقْوَالِ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَالْمُعَارَضَةِ، لَا مَعَ الاتِّفَاقِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ} الآيَةَ [الأنعام: ١٥٩]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ} الآيَةَ [آل عمران: ١٠٥].
(١) البحر الزخار (٤/ ٣٤٦).