[الجواب عن قوله: «فإنهم الجميع قد اتفقوا على نفي الجبر، وعلى ثبوت الاختيار»]
  عِبَارَات، وَبِتَلْفِيقِ كَلِمَاتٍ وَفَلَتَاتٍ لِلْبَعْضِ مِنْهُم لَا تَدُلُّ عَلَى الاتِّفَاقِ، وَلَقْد أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْمُنَاقَضَات، وَتَخْلِيطِ الْمَقَالَات.
  ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: إِنْ كَانَ الأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتَ فَمَا مَعْنَى تَطْوِيلِكَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِيمَا سَبَقَ مِنَ الأَبْحَاثِ وَمَا يِأْتِي؟!
  وَأَيْنَ مَا سَبَقَ لَكَ فِي (صفح/٢١٦) مِنْ قَوْلِكَ: «وَأَمَّا الأَشْعَرِيَّةُ فَقَدَحُوا فِي الْحِكْمَةِ بِأَسْرِهَا» إِلَى آخِرِهِ؟! فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. انْتَهَى.
[الرد على قوله: «أَنَّ عَالِمَ الْغَيْبِ يَمْنَعُ مِنْ طَلَبِ وَحُصُولِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لا يَحْصُلُ»]
  (٤) وَمِنْ (صفح/٢٧٨)، قَوْلُهُ: «وَسِرُّ هَذَا التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ سَبَبَ الْمَعَاصِي مُرَادٌ، وَهْوَ: خَلْقُ الْقُدْرَةِ، وَالتَّمْكِينُ، وَالتَّكْلِيفُ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِجَبْرٍ مَحْضٍ، بَل الظَّاهِرُ فِي سَبَبِ الشَّرِّ أَنَّهُ شَرٌّ.
  فَمَنْ نَفَى الْحِكْمَةَ قَالَ: هُوَ مُرَادٌ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَثْبَتَهَا قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ مُرَادٍ آخَر، وَهْوَ الْمُسَمَّى: الْمُرَادَ الأَوَّلَ وغَرَضَ الغَرَضِ، فَمَنْ قَالَ: هُوَ الْجَنَّةُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ - وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ عَالِمَ الْغَيْبِ يَمْنَعُ مِنْ طَلَبِ وَحُصُولِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ».
  قُلْتُ: يُقَالُ: هَذَا عَجِيبٌ، أَلَمْ يَأْمُرِ العُصَاةَ بِالطَّاعَةِ؟ أَلَمْ يَأْمُرْ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ؟ أَوَ لَيْسَ الأَمْرُ طَلَبًا وَأَيَّ طَلَبٍ؟
  وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى الصَّوَاب، وَإِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمَرْجِعُ وَالْمَآب.
[الجواب عن قوله: «فَإِنَّهُم الْجَمِيعُ قَد اتَّفَقُوا عَلَى نَفْيِ الْجَبْرِ، وَعَلَى ثُبُوتِ الاخْتِيَار»]
  (٥) ومن (صفح/٢٧٨) قوله: «فَإِنَّهُم الْجَمِيعُ قَد اتَّفَقُوا عَلَى نَفْيِ الْجَبْرِ، وَعَلَى ثُبُوتِ الاخْتِيَار» إِلَى آخِرِهِ.
  قُلْتُ: يُقَالُ: أَمَّا الأَشْعَرِيَّةُ وَالَّذِينَ يُسَمِّيهِم الْمُؤَلِّفُ بِاسْمِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهُم وَإِنْ وَافَقُوا فِي اللَّفْظِ، فَلَمْ يُوَافِقُوا فِي الْمَعْنَى، وَمَا مُوَافَقَتُهُم تِلْكَ إِلَّا مُرَاوَغَةٌ مِمَّا لَزِمَ أَهْل الْجَبْرِ، وَهْيَ مُرَاوَغَةٌ لَا تُجْدِيهِم شَيئًا؛ فَإنَّهُم مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ