مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[أعظم ما يحصل به التغرير والتزوير]

صفحة 165 - الجزء 1

  وبَغيهم عَلَى الأَوصياء، وحَسَدِهم لذراري الأَنبياء، وعَدَمِ انقيادِهِم لِحُجَجِ اللَّهِ تعالى، ووقوفِهِم عند حدود اللَّه تعالى.

  وقد حَكَى اللَّهُ عنهم ذلك، وَوَبَّخَهُم ø بمثل قوله تعالى: {أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ}⁣[النساء: ٥٤].

  فَسَلَكَت هذه الأُمَّة تلك المسالك، وهَلَكَت في مهاوي تلك المهالك.

  قال الإمام السابق الحسن بن عليٍّ الأطروش ª:

  وَأَنَّ أُمَّتَنَا أَبْدَتْ عَدَاوَتَنَا ... أَنْ خَصَّنَا مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ تَفْضِيلُ

  إِذَا ذُكِرْنَا بِفَضْلٍ أَوْ بِعَارِفَةٍ⁣(⁣١) ... صَارُوا كَأَنَّهُم مِنْ غَيْظِهِم حُولُ

  حَظَّهَا أَخْطَأَت، وَرُشْدَهَا أَضَلَّتْ، وكيف لا؟! وقد فَارَقَتْ خِيرَةَ اللَّهِ تعالى مِنْ سُلالة إسماعيل، وحَمَلَةَ حُجَّتِهِ من ذؤابة إبراهيمَ الخليل، مَنْ كَلَّلهم اللَّهُ تعالى بأَكَالِيلِ⁣(⁣٢) النبوة في الابتداء، وَسَرْبَلَهُم بسرابيل الإمامة في الانتهاء.

[أعظم ما يحصل به التغرير والتزوير]

  واعلم أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْصُلُ به التَّغْرِيرُ والتزوير، ويكون منه التأثير الكبير: تَعْمِيَةَ مَنْ يَتَلَبَّسُ بالدِّين، ويُوهِمُ أَنَّه مِن أهلِ التقوى واليقين، والتَّمَسُّكِ بالأَئِمَّةِ الهادين.

  قال الوصي ~: (وَآخَرُ قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ عَالِمًا وَلَيْسَ بِعَالِمٍ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنَ جُهَّالٍ، وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ، وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكًا⁣(⁣٣) مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ، وَقَولِ زُورٍ، وَقَدْ حَمَلَ الكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ، وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ، يُؤَمِّنُ مِنَ العَظَايِمِ، وَيُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ، يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَفِيهَا وَقَعَ، وَيَقُولُ أَعْتَزِلُ البِدَعَ وَفِيهَا اضْطَجَعَ). انتهى.


(١) «العارِفَةُ: الْمَعْرُوفُ، كالعُرْفِ - بالضّمِّ - يُقال: أَوْلَاهُ عارِفَةً: أَي مَعْرُوفًا، كما في (الصِّحاحِ) (ج: عَوارِفُ)، ومنه سَمَّى السُّهْرَوَرْدِيُّ كتابه (عَوارِفَ المعارِف)». تمت من (تاج العروس).

(٢) «(الْإِكْلِيلُ): شِبْهُ عِصَابَةٍ تُزَيَّنُ بِالْجَوْهَرِ. وَيُسَمَّى التَّاجُ إِكْلِيلًا». تمت (مختارًا).

(٣) «الشَّرَكُ: ما يُصْطَادُ بِهِ». تمت من (الديباج الوضي) (٢/ ٦٥١).