مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[عودة للكلام على مؤدى خبر العرض، واتضاح ما قرره الإمام المهدي # حول أقسامه]

صفحة 64 - الجزء 1

  محتملَةً ظنية؛ لجوازِ عَدَمِ إرادتِهِ.

  وأمَّا دَلالَتُهُ عَلَى بعضٍ منها فهي معلومةٌ قطعيةٌ لكنَّه غيرُ مُتَعَيّن، أَلا تراهم يقولون: لا يَصِحُّ تخصيصُ السَّبَب⁣(⁣١)، ما ذلك إلَّا لِتَعَيُّنِهِ والقَطْعِ عَلَى إرادتِهِ، ومن هنا يُعْلَمُ الفارق؛ لأنَّ النسخَ يَرْفَعُ استمرارَ كلِّ مَا أفاده الخطاب، فلا مَحَالَةَ تَدْخُلُ تلك الدلالةُ القاطعة، ويزولُ حُكْمُهَا بلا ارتياب، ويكونُ قد نُسِخَ القطعيُّ بالظني، وهو خلافُ المنهجِ الشرعي.

  وأَمِّا مَا حَكَاه ابنُ الإمامِ @ في (الغاية)⁣(⁣٢) مِن أَنَّ التخصيصَ أَهْوَنُ مِن النَّسْخ؛ لكونِ التخصيصِ دَفْعًا للبعض، والنسخِ رَفْعًا للكلِّ، هذا معناه، فذلك لا يُجْدِي؛ لأَنَّهُما مهما كانا مُتَوَارِدَيْنِ عَلَى ظنيٍّ فلا تأثيرَ للقوة وعدمِهَا؛ لجوازِ نَسْخِ الظنيِّ للظني، أَلا تَرَى أنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْسَخَ خَبَرُ واحدٍ حُكْمًا مظنونًا، ويَصِحُّ أَنْ يُنْسَخَ بمثلِهِ أَحكامٌ كثيرةٌ مَا لم تكن قطعيةَ المتون، وكذا التخصيصُ؛ فإنَّه يُخَصَّصُ بخَبَرِ واحدٍ فَرْدٌ من أَفرادِ العموم، ويُخَصَّصُ بمثلِهِ وإنْ أَخرجَ أكثرَ مدلولاتِهِ، مع كونِ الأَوَّلِ أهون، فتبين لك أَنَّه لا حُكْمَ للأَهْوَن، إذا لم يَخرجا عن دائرةِ الظن.

[عودة للكلام على مؤدى خبر العَرْض، واتِّضاح ما قرره الإمام المهدي # حول أقسامه]

  ولنرجع إلى المقصود، وهذا عارِضٌ لا يخلو إنْ شَاءَ اللَّه تعالى عن فائدة.

  فنقول: قد ظهر لك - إنْ كُنْتَ مِمَّنْ أَلْقَى السَّمْعَ وهو شَهِيد - مؤدَّى خَبَرِ الرسولِ ÷، ومُرَادُ الأَئِمَّةِ À في عَرْضِهِم لِمَا وَرَدَ عن جَدِّهِم، وأنَّ هِجِّيرَاهُم⁣(⁣٣) وما يَحومونَ حولَهُ رَدُّ مَا كُذِبَ عَلَى اللَّهِ تعالى ورسولِهِ مِنْ مُفْتَرَيَاتِ المشبِّهَة، والْجَبْرِيَّة، والْحَشَوِيِّة، والْمُرْجِئة، وغيرِهِم مِن مَرَدَةِ البريَّة.


(١) انظر تحقيق المسألة في شرح الغاية (٢/ ٢٢٢).

(٢) شرح الغاية (٢/ ٣١٥).

(٣) أي عادتهم. تمت من المؤلف (ع).