مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[رد استبعاد مستبعد كون العامل بما يوجبه الدليل قليل]

صفحة 162 - الجزء 1

  والكافرين.

  فهذا حُكْمُ اللَّهِ تعالى عَلَى جَمِيعِ بَرِيَّتِه، وقضاؤه في كافة خليقتِه، لا يُعَارِضُه معارِض، ولا يُنَاقِضُه مناقض.

[الفرض في مودَّة آل الرسول على العلماء أقدم وألزم]

  وأَنَّ فَرْضَهُ عَلَى العلماءِ أَقْدَم، وحُكْمَهُ لهم ألزم؛ لأنَّهُم أعلم، والمنَّةُ لله تعالى ولرسوله ÷ عليهم أعظم، فكلما تَضَاعَفَتِ النعمةُ له من عِلْمٍ وعَمَلٍ ترادفت موجِبَات الشكر لله تعالى ولرسوله عليهم فيها.

  وقد جَعَلَ اللَّهُ تعالى ذلك كُلَّهَ في مَوَدَّةِ أَهْلِ البَيتِ.

  ومَا الأمر كما يَتَصَوَّرُهُ بعضُ مَن ساعد الهوى، وغلبت عليه محبة الترأس في الدنيا أنَّه قد سَقَطَ عليه مودَّةُ ذوي القربى.

  ويا سبحان اللَّهِ ألم يعلمْ أَنَّ الشكرَ واجبٌ عليه لهم في نفس ما استفاده من العلم إن كان مِنْ عِلْمِهِم، وإلَّا فهو ممن أَخْلَدَ إلى الأرضِ⁣(⁣١)، واتَّبَعَ هواه، وفَرِحَ بِمَا عنده من العِلْم.

  نعوذ بالله تعالى مِن الهوى، ولزوم الشقا.

[رد استبعاد مستبعد كون العامل بما يوجبه الدليل قليل]

  هذا، وربما يَسْتَبْعِدُ مُسْتَبْعِدٌ أَنَّه يَذهبُ إِلى هذه المذاهبِ أحدٌ مِمَّن يَتَدَيَّنُ بولاية آلِ محمدٍ ~ وعليهم، فنقول له: إنْ قَصَدْتَ أَنَّهُم لا يُصارِحون به مُصَارَحَةً، ويُكاشِفون به مُكَاشَفَةً: فَنَعَم، وأَنَّى لهم وقد أَلْجَمَتْهُم عن ذلك الدلالاتُ، وكَظَمَتْهم⁣(⁣٢) عن التصريحِ به البيِّنَاتُ، التي هي أَشْهَرُ مِن فَلَقِ الصباح،


(١) «أخْلَدَ إِلَى فلَانٍ: رَكَنَ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ}». تمت من (مختار الصحاح).

(٢) «كَظَمَ غَيْظَهُ يَكْظِمُه: رَدَّهُ وحَبَسَهُ، والبابَ: أغْلَقَهُ، والنَّهْرَ والخَوْخَةَ: سَدَّهُما، والبعيرُ كُظومًا: أمْسَكَ عن الجِرَّةِ. ورجُلٌ كَظيمٌ ومَكْظومٌ: مَكْروبٌ. والكَظَمُ - محرَّكةً -: الحَلْقُ أو الفَمُ أو مَخْرَجُ النَّفَسِ. وَكُظِمَ كعُنِيَ كُظومًا: سَكَتَ». تمت من (القاموس).